بالفيديو.. مسرحية «المزدوجين».. كوميديا جميلة
جريدة الأنباء الكويتية -
  • المانع «عبقري» والنصار نجم فوق العادة والفرج «فاكهة العمل» وعاشور يغرد خارج السرب
  • بهمن موهبة كبيرة وأداء الجزاف رشيق والنصار مفاجأة والسعدون «موهوب» والراشد «قادمة»

ياسر العيلة

الفنان مبارك المانع يتبع سياسة خاصة في إدارته لموهبته كممثل، فهو صاحب خبرة ومطلع على أسرار الساحة المسرحية والمزاج العام للجمهور بمختلف شرائحه الثقافية، لذا تعود طوال مشواره الفني على أن يسير بإبداعه في خطين متوازيين، خط ينتقي فيه أدواره المهمة التي يخاطب من خلالها طبقة المثقفين ويطرح عبرها جل القضايا الاجتماعية والسياسية، وخط آخر يقدم فيه مسرحيات وأدوارا تعتني بذوق الجيل الحالي من الشباب.

القوة والضعف

وتعرض للمانع حاليا على مسرح «الشيخ دعيج الخليفة» في جمعية شرق أحدث أعماله المسرحية «المزدوجين» المأخوذة عن قصة للكاتب التركي عزيز نيسين، وأعادت صياغتها بشكل رائع الكاتبة فلول الفيلكاوي ومن إخراج الموهوب يوسف البغلي.

تدور أحداث المسرحية حول مفهوم القوة والضعف من المنظور الاجتماعي والبيئي الشعبي، فالبطل صابر (مبارك المانع) شخص هادئ الطباع ومسالم لكنه فقير يعاني من قصر ذات اليد، لذا فهو مغلوب على أمره ومضطهد من «سلطان الفرج» صاحب البيت الذي يقطن فيه هو وزوجته «زينب بهمن» وابنه «محمد عاشور» وابنته «شهد الراشد»، ولأنه لا يميل إلى العنف ويفضل دائما السلامة، يعاني الأمرّين ويعيش بين الناس كأي إنسان طيب ودود، لكن يتم اتهامه ظلما بأنه الوحش الذي يقتل ضحاياه بلا رحمة، ويضع فوق جثة كل ضحية منهم وردة حمراء، وهنا يكمن السؤال «إلى أي مدى يمكن أن يحول الاضطهاد الإنسان المسالم إلى وحش حقيقي؟»، فهذا التحول جعل الجميع يخشون غضبه واصبحوا يتوددون له ليرضى عنهم بما فيهم صاحب البيت وأيضا ضابط الشرطة الذي كان يعذبه أثناء التحقيق، لتحمل نهاية المسرحية مفاجأة كبرى وهي انه ليس هو الوحش وإنما زوجته.

المسرحية ممتعة وتحمل قدرا كبيرا من الكوميديا بسبب وجود هذا الكم من النجوم المتمرسين في هذا اللون، بجانب احتوائها على قدر من الشجن الذي أضفت عليه أغنية الفنان بدر الشعيبي بكلماتها المعبرة عن حالة درامية مميزة، بالإضافة إلى إحساس بدر الجميل في الغناء، وكان حضور الفنانة شجون في مشاهد مذيعة نشرة الأخبار لافتا ونال استحسان الجمهور، ويجب ألا نغفل دور الديكور الباهر لجاسم خريبط الذي جاء متوافقا مع فكرة وأحداث العمل.

معادلة صعبة

استطاع المخرج يوسف البغلي أن يبرهن مرة أخرى على إبداعه المسرحي، من خلال رؤية رائعة وشائقة، محققا المعادلة الصعبة في إيجاد الإيقاع السليم لعناصر العرض فلم نشعر بالملل لحظة واحدة، وكانت السينوغرافيا من أبطال المسرحية من خلال المشاهد والرؤية البصرية الباهرة ضمن سياق الحدث الدرامي.

وبالنسبة لأداء الممثلين، فقد قدم مبارك المانع أداء عظيما بتحكمه العبقري في ملامح وجهه ونبرات صوته ولغة جسده وتسخيره كل ذلك في رحلة تحوله من «صابر» والرمزية الواضحة في الاسم الذي يدل على انه يصبر ويرضى بكل شيء، وكيف يتحول إلى وحش حقيقي صنعه الاضطهاد وجهل الناس وطغيان الإعلام وغياب العدالة.

إنقاذ موقف

وانضم الفنان عبدالعزيز النصار إلى فريق المسرحية كإنقاذ موقف بدلا من الفنان عبدالله الرميان الذي يمر حاليا بأزمة صحية «شفاه الله وعافاه» وهو موقف ليس بجديد على هذا الفنان الخلوق المحبوب من الجميع، وبالرغم من أن النصار لم يشارك سوى في بروفة واحدة لهذا الدور، الا انه قدم أداء متناغما مع زملائه، بشكل يؤكد على انه صاحب خبرات استثنائية، حيث أشاع بتمثيله حالة من البهجة والسعادة، فيما قدم الفنان سلطان الفرج شخصية صاحب المنزل بخفة دم شديد وكان «فاكهة العمل» بالفعل بأدائه العفوي التلقائي.

وكعادته جسّد الفنان محمد عاشور دور الابن بأسلوبه الخاص السهل الممتنع، فأشعل بتعليقاته و«قطاته» حماس الحضور، مؤكدا انه فنان يغرد خارج السرب ولا يشبه احدا في أدائه. وقدمت الفنانة زينب بهمن شخصية الزوجة التي تعاني من ضعف شخصية زوجها وعدم تحمله المسؤولية، وجاء أداؤها جميلا وأثبتت انها فنانة صاحبة قدرات تمثيلية كبيرة تستطيع التحول بين الشخصيات بسلاسة، واعتبر هذا العمل واحدا من أهم الأدوار التي قدمتها حتى الآن.

مفاجأة العمل

وجسد الفنان بشار الجزاف دور اللص او القاتل المأجور الذي يعاني من «التأتأة» في الكلام بشكل كوميدي تفاعل معه الجمهور، وتميز بأسلوبه الرشيق على خشبة المسرح، أما مفاجأة العمل من وجهة نظري فهو الفنان نصار النصار الذي لعب شخصية الطبيب النفسي الذي يحتاج إلى طبيب يعالجه، حيث جسدها باحترافية شديدة وبأداء كوميدي تعالت معه ضحكات الجمهور، فالنصار كان حاضرا بقوة وهذا الدور يؤكد انه نجم كبير بمعنى الكلمة، ولا أعلم اذا كان «هو مقصر في حق نفسه» أم إن المنتجين لم ينتبهوا إلى موهبته الواضحة رغم ان له باعا طويلا في المسرح.

وقدم الفنان الشاب عبدالعزيز السعدون شخصية الشرطي من خلال «كراكتر» متميز وبأداء سلس بسيط، ودائما نقول انه موهوب، فيما قدمت الفنانة الشابة شهد الراشد اهم تجاربها الفنية، وهي شخصية الابنة التي تبحث عن الزواج من أي شاب حتى لا تصبح «عانساً»، فكان أداؤها تلقائيا، وأعتقد أنها ستكون في مكانة مهمة بين فنانات المسرح خلال الفترة المقبلة.

أخيرا، كل الشكر لمدير شركة «مرايا» المنتجة للعمل سلمان السلمان على حسن الاستقبال وتعاونه معنا لتغطية المسرحية وعمل حوارات مع نجومها.



إقرأ المزيد