طوني عيسى لـ «الراي»: على الممثل أن يجيد «الإتيكيت»
جريدة الراي -

يتميّز الفنان اللبناني طوني عيسى بمسار فني غني يقوم على التنوع، وبأداء يعتمد على الصدق والواقعية، ما جعله من الأسماء الموثوقة في الدراما اللبنانية والعربية، إضافة إلى حضوره اللافت في الدراما المعرّبة، والتي أظهرت قدرته على التأقلم مع أنماط مختلفة من الأعمال.

عيسى تحدث إلى «الراي» عن مسلسل «سلمى»، آخر أعماله المعربة، وعن إقبال الجمهور على هذا النوع من الأعمال التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية جداً.

منذ 15 دقيقة

منذ 15 دقيقة

• كيف تتحدث عن دورك في مسلسل «سلمى»؟

- المسلسل في جوهره يحكي قصة امرأة وأطفالها واسمه يعكس قصته، لأن اسمه بالنسخة التركية «امرأة»، ثم تم تعريبه ليصبح «سلمى». ورغم أن القصة مألوفة، إلا أن النسخة العربية دائماً ما تمتلك نكهة خاصة؛ ربما لأن الجمهور العربي معتاد على الممثلين العرب واللغة العربية وبعض التفاصيل التي تجذبه أكثر إلى النسخة العربية مقارنة بالنسخة التركية. لذا، فإن المسلسل يحقق نجاحاً كبيراً ومتابعة واسعة وهو بعيد عن التطويل والتكرار. ومع أن الجمهور لم يشاهد كل حلقاته ولم يتعرف على كل أحداثه، ولكنه يتابعه بشغف لأن عنصر المفاجأة موجود دائماً وفي كل حلقة.

•... هذا صحيح ولم يلمس الجمهور تراجعاً في الأحداث حتى الآن؟

- ولن يحصل ذلك، لأن المسلسل يتميز بعامل التشويق المستمر في أحداثه رغم أنه يتمحور حول قصة امرأة وأطفالها، إلا أن أحداثه تتضمن تفاصيل مشوقة يتوقف المُشاهِد عندها ويتحمس لمتابعة الحلقة التالية، وهذا يعود لأسلوب الإخراج المميز، والأداء الرائع لجميع الممثلين. هناك إبداع ملحوظ لدى بعض الممثلين، فعلى سبيل المثال، أثني على أداء ستيفاني عطالله وهي ممثلة رائعة وسبق أن تحدّثنا وهي تعرف جيداً رأيي بأدائها.

• وكيف ترد على الرأي الذي يقول إن هذه الدراما «سلخت» أو «خطفت» أهم الممثلين من الدراما المحلية؟

- لا أحد يخطف أحداً، ولا أحد ينجرّ وراء شيء رغماً عنه. المعرَّب هو نوع من المسلسلات وتحتاج إلى ممثل يؤدي الأدوار. والتمثيل هو مهنتنا، فإذا وصَلَنا عرض ووجدْنا أنه مناسب لنا نوافق عليه وإذا لم يناسبنا، نعتذر. الحياة عرض وطلب، والعرض الذي يناسبنا لن نقول له لا، خصوصاً من ناحية الانتشار. والمسلسلات المعربة تحقق انتشاراً كبيراً جداً، ولهذا السبب يتجه العديد من الممثلين لتكرار التجربة لأنهم يجدون فيها فائدة لهم.

• وإذا كان الممثل منتشراً ومعروفاً، لماذا يكرر التجربة نفسها وفي النوع عينه من المسلسلات؟

- أولاً، ليست كل القصص متشابهة؛ بل كل مسلسل يحكي قصة مختلفة. ثانياً، هي أعمال مكونة من 90 حلقة وتُصوَّر في تركيا، أي أن الممثل يغادر لبنان. يعني، هذا النوع من الأعمال يجمع بين السياحة والعمل في الوقت عينه.

•... كما أنه يتقاضى أجراً جيداً، في وقت تعاني الدراما اللبنانية وتغيب عن الشاشات؟

- سأتحدّث عن الأمور كما هي. في مرحلة ما، قدّم لي هذا النوع من المسلسلات شيئاً مهماً جداً، واستفدتُ منه مادياً لفترة طويلة، وربما أنا أعيش منه. عندما تصبح لدى الممثل عائلة، لا تحتاج الأمور إلى الكثير من الفلسفة، لكن أيضاً يجب أن يعرف كيف يتعامل مع الموضوع وأن يكون معتدلاً، أي أن يعرف كيف يحافظ على اسمه ومكانته وفي الوقت نفسه كيف يفيد عائلته. هو سيف ذو حدين، ويبقى على الممثل أن يعرف كيف يتعامل مع الأمر.

• ماذا تقصد؟

- لا يُفترض بي من أجل المال أن أقبل عرضاً دون المستوى، وإذا قبلتُ بعمل أحاول في الوقت عينه أن أحافظ على اسمي ومكانتي قدر المستطاع وأن أستفيد مادياً، وبذلك أحقق التوازن وأستفيد من جميع النواحي، من العلاقات، الانتشار، مادياً، من التعرف على ممثلين جدد، الوجود مع ممثلين أحب العمل معهم وممثّلين يرغبون في العمل معي، وكل هذه الأمور حقّقتُها في هذه المسلسلات.

• وهل توافق أن تكرار الوجوه في الأعمال العربية المشتركة يُطبّق حالياً في الدراما المعرّبة، خصوصاً في أدوار البطولة؟

- النجاح في مسلسل ما يسلط الضوء على الممثل ويجعل شركات الإنتاج في تركيا تتهافت عليه لأنه بالنسبة إليها «حصان رابح» ويهمّها أن تستفيد من نجاحه. أي أن الممثل يستفيد منها وهي تستفيد منه، وهذا طبيعي وهكذا هي سنّة الحياة. غناءً، قد يكون الفنان غير معروف وفجأة يُطلق أغنية تحقق نجاحاً كبيراً، فيسارع المنتجون لإنتاج ألبومات له، لأنه بالنسبة إليها «حصان رابح» ويُدْخِل المال، وبذلك يستفيد الطرفان.

• لكن هناك ممثلين آخَرين يستحقّون الفرص؟

- بالتأكيد، ولهذا نقول: «الرزق على الله».

• وهل الممثل اللبناني يأخذ حقه في الأعمال المعربة، خصوصاً أنك من الممثلين الذين رفعوا الصوت قائلين «نحن موجودون ونحن نستحق»؟

- نحن نُبَرْهِن أننا موجودون ونستحق.

• وكأدوار بطولة أولى؟

- لقد أصبح واضحاً للعالم اليوم أن الممثل اللبناني موجود ويستحق وأنه عندما تُعطى له مساحة دور كبيرة يكون على قدر التحدي، ويقدم ما يجب أن يُقدم بل وأكثر، ويأخذ حقه ويترك بصمة، ولذلك هو مطلوب أيضاً في مصر والإمارات ولبنان، ويكرر التجربة وتحترمه شركات الإنتاج. ليس مطلوباً أن يكون الممثل موهوباً فقط، بل أن يجيد أيضاً «إتيكيت» التعامل وأن يَحترم شركات الإنتاج وزملاءه، وألا يتعالى أو يشعر بالغرور و«يرفع قدميه عن الأرض» كما عليه أن يبقى مثالاً للتواضع مهما كانت شهرته كبيرة. ومَن ينجح بالجمع بين التواضع وبين الشهرة الكبيرة، يكون في قمة الاحتراف.

• وكبطولات أولى؟

- ألم يؤدِ نيكولا معوض أدوار البطولة في مسلسلات عدة، وكذلك وسام فارس؟ الأدوار الثانية ليست مجرد أدوار عابرة، بل هي أدوار مهمة. على سبيل المثال، دوري اليوم في مسلسل «سلمى» يُعتبر من الأدوار الأولى وهو سيزداد قوة وتأثيراً في الحلقات المقبلة ولو كان هناك جزء ثانٍ من المسلسل سيكون هو بطله.

• وهذا يعني أنك راضٍ عن التجربة؟

- في بعض المراحل السابقة لم أكن راضياً، لكنني الآن راضٍ تماماً.

• وما الذي تغير؟

- لقد حصلتُ على حقي المادي كما على حقّي كممثل.

• وفي رأيك، هل ستبقى الدراما اللبنانية على حالها، أم تتوقع أن تنهض لاحقاً؟

- للأسف، لا مكان للدراما اللبنانية، لكن بعض شركات الإنتاج تحاول إنقاذها وزيادة الطلب عليها وتطوير الصناعة الدرامية، لكنها مازالت خجولة جداً. وهذا الأمر يحتاج إلى قرار دولة، وأشخاص يثقون بهذه المهنة وبالممثل اللبناني.

لبنان بلد سياحي ووجهة سياحية، ولو تحدّثْنا بمنطق، فإن الناس يحبون الممثل وعندما يأتي البعض من الخارج قد يرغبون برؤيته في لبنان ويَسألون عن مكان إقامته ومكان تصوير هذا المسلسل أو ذاك، كما حصل في مسلسل «حريم السلطان»، حيث كان الناس يذهبون إلى المقر الضخم الذي جرى فيه التصوير كي يشاهدوا تفاصيل ملابس الممثلين وأين كانوا يأكلون ويلبسون، أو كما يحصل أيضاً في مسلسل «ضيعة ضايعة»، حيث يذهب الناس إلى «السمرا» في سوريا وإلى طرطوس واللاذقية، كي يشاهدوا أمكنة تصوير هذا المسلسل الذي ترك بصمة كبيرة عند الناس. ونحن كممثلين نُعتبر عنصراً أساسياً جداً في السياحة واستقطاب الجماهير وفي تفعيل وتسريع العجلة الاقتصادية في لبنان، كما أننا نشكل جزءاً منها ولا يمكن غض الطرف عن هذا الأمر. ويجب أن تصدر قريباً قرارات صارمة وصريحة بضرورة دعم هذا القطاع.

• ولماذا لا تقدّر الدولة اللبنانية أهمية هذا القطاع بما أنه يؤمن دخلاً وفيراً؟

- لأنه قطاع حساس جداً ويتأثر بكل الأوضاع.

• لكن قطاع الغناء لم يتأثر في لبنان وأقيمت في ربوعه حفلات ضخمة والطائرات المسيّرة فوق الرؤوس؟

- أتحدث عن التمثيل. وكان هناك إقبال على الحفلات في لبنان منعاً للركود ولزرْع الأمل والفرح بين الناس.



إقرأ المزيد