أسعد رشدان لـ «الراي»: تعبت من الحياة وأعدُّ أيامي
جريدة الراي -

لا يخفي الممثل اللبناني القدير أسعد رشدان، المرارةَ والألمَ اللذين يعيشهما، بل حتى أنه يؤكد أنه يرغب في الموت «تقريباً» لأنه تعب من الحياة «ووصلتُ إلى مرحلة تعداد الأيام الباقية من عمري».

رشدان، الذي أطلّ أخيراً كرسّام في معرضٍ ضم لوحاته، يؤكد لـ«الراي» أنه يعمل منذ العام 1972 وهو يشعر بأنه يعود إلى الوراء، كما اشتكى من ظروف العيش في لبنان، موضحاً أنه لا يستطيع أن يعيش فيه ولا يمكن أن يغادره.

منذ 16 دقيقة

منذ 16 دقيقة

• ما قصة معرض الرسم الخاص بلوحاتك الذي أقيم في بيروت أخيراً؟

- أرسم في الأساس، ولكنني عدت لممارسة هذا الفن مجدداً بسبب عدم توافر فرص التمثيل منذ أكثر من عامين ونصف العام. وهذا النوع من الفن كان يرافقني منذ أعوام بعيدة، ونتيجة انقطاع العروض التمثيلية قررتُ العودة إلى ممارسة هوايتي السابقة مع أنني درستُ هذا الاختصاص بعدما انتهيتُ من درس التمثيل.

• هذا الكلام ليس بمستغرب، لأن عدداً كبيراً من الممثلين اتجهوا إلى إقامة ورش لتعليم التمثيل من أجل تأمين مصاريفهم الحياتية لأنهم من دون عمل؟

- لا جلَد لي على هذه الأمور، وهؤلاء هم أصغر سناً وأكثر نشاطاً مني. أنا تعبتُ من الحياة، ومع أنني بكامل صحتي وعافيتي الجسدية والعقلية، ولكن علاقتي بالحياة لم تعد سوية، وكل التعب الذي بذلْناه وَصَلَ بنا إلى وقتٍ نشعر بأن الأمور تتراجع إلى الوراء ويصعب أن تسير إلى الأمام، وهذا كل ما في الأمر. ولكن في حال وصلني عرضٌ للمشاركة بدور في عمل تلفزيوني، يمكن أن أقبل به لأن صحتي العقلية على أفضل ما يرام ويمكن أن أحفظه وأن أنفذه بهدوء. ولكن لم تعد تهمّني المشاريع ولا «البزنس»، لأنني أعمل منذ عام 1972.

• هل تشعر بالملل من مهنة التمثيل؟

- بل أشعر بالملل من الحياة.

• بمعنى؟

- لم أملّ من الفن ولا من الأصحاب ولا من العائلة، بل من الحياة في ذاتها، وأنا أردد هذه العبارة من دون وعي. عندما كنتُ صغيراً، كان جدي يقول لي «ضجرتُ من الحياة» وكان يرغب في الموت لأنه عاش طويلاً، واليوم فهمتُ لماذا كان يقول هذا الكلام.

• وهل أنت ترغب في الموت أيضاً؟

- تقريباً. اليوم وصلتُ إلى مرحلة تعداد الأيام الباقية من عمري. وبعدما كنتُ أخطط للانطلاق والاستمرار وتحقيق الأهداف والأحلام والوصول إلى الذروة، وصلتُ إلى مرحلةٍ نظرتُ حولي وتوقفتُ ولم أعد أرغب فيها بأي شيء. كما أن الظروف في لبنان تسبب نوعاً من الإحباط يجعلنا نتساءل لماذا نشغل أنفسنا بالتفكير؟ والمشكلة أنني لا أستطيع أن أعيش في لبنان في ظروفه الحالية، وفي الوقت نفسه أشعر بأنني لا أستطيع أن أتركه. لا أريد أن أعيش من «قلة الموت» لمجرد أنني قادر على الحركة! ونظرتي إلى الحياة والأوطان ليست كذلك على الإطلاق، هل الحياة تعني أن نأكل ونشرب وننام ونتكاثر فقط؟ الحيوانات تفعل ذلك أيضاً.

• ولكن يوجد لديك خيار للعيش في الخارج؟

- بل الخيارات كثيرة، لأنني أملك أهمّ جواز سفر في العالم يخوّلني أن أعيش في أي بلد أريده ومن دون الحاجة إلى إقامة ومعتمداً على جواز سفري فقط. ولكن ليس هذا ما أريده، بل أريد العيش في بلدي وأن أتكلم لغتي وأن أبقى في لبنان لأنه وطني وأرضي وفيه يعيش ناسي وأصدقائي، وإذا ابتعدتُ عنهم أصاب بالجنون. لو كان لدي أصدقاء في أميركا لكنتُ بقيتُ فيها، ولكنني ولدت ونشأت وتربيت في لبنان وكوّنتُ صداقات هناك.

• وهل المعرض كان متنفساً بالنسبة إليك؟

- الرسم هو المتنفس الذي يشفيني وليس المعرض.

• ربما هو متنفس من الناحية المادية؟

- شاركتُ في المعرض لأنني مقتنع به ولأن هناك هدفاً من ورائه. الفائدة التي يمكن أن أحققها والأمل المقرون بالإحباط هي مؤشرات لنسمات من الأمل، ولكننا نعيش في بلد لا يوجد فيه شيء مضمون ولا أحد يمكن أن يعرف ما الذي تحمله الأيام المقبلة.

• هل قررت الابتعاد عن التمثيل وإعلان اعتزالك؟

- أبداً. لو كنت أفكر في اعتزال الفن لكنت اليوم من الرسامين المشهورين الذين يجنون أموالاً طائلة من وراء هذا الفن. وقريباً سأشارك في عمل مسرحي مع أحد الأصدقاء، وربما يكون جاهزاً بحلول أكتوبر المقبل.

• ولكن قلت إنك لا يمكن أن تشارك إلا في عمل تلفزيوني تحضّر له بهدوء؟

- تم التواصل معي للمشاركة في 5 أعمال جديدة، والمشروع لا يزال قائماً، حتى أنني وقّعتُ رسمياً على تلك الأعمال ولكن كل شيء رهن الظروف.

• وما هي تلك الأعمال؟

- فيلم سينمائي، كما وقّعت عقداً مع إيلي معلوف للمشاركة بمسلسل رائع بعنوان «الزيتونة» للكاتب طوني شمعون ودوري فيه، في حال تم تنفيذه، سيكون أجمل دور أقدمه في حياتي.

• وبالنسبة إلى المسلسلات الباقية؟

- هي أعمال قطرية، ولكنهم قرروا إرجاء تصويرها بسبب ظروف الحرب. كما هناك مسلسل للكاتبة كلوديا مرشليان، ولكن مصيره لا يزال مجهولاً، ومسلسل آخَر مع الكاتبة منى طايع.



إقرأ المزيد