جريدة الراي - 6/12/2025 10:00:15 PM - GMT (+3 )

كتابة نص درامي عميق بمضمونه وطرحه وتسلسل أفكاره هو أمر ليس بالسهل جداً، كونه يحتاج إلى صاحب خبرة كبيرة في الحياة والكتابة على حدّ سواء، يمتلك أسلوباً مميزاً به، وتقنية فريدة في أسلوب الصياغة.
لكن، ماذا لو اجتمع عدد من الكّتاب معاً إلى طاولة واحدة لكتابة نص درامي يحمل كل تلك الصفات، يتشاركون فيها الأفكار والقضايا، ثم يشرعون في كتابة كل محور بأسلوب وتقنية تجعل الخلاصة فريدة من نوعها.
ومنها، طرحت «الراي» سؤالاً مشروعاً على أهل الاختصاص من الكُتاب المتواجدين في الساحة الفنية، في حال كانوا مؤيدين لفكرة إقامة ورشة تأليف لكل عمل درامي بحدّ ذاته، لتكون النتيجة النهائية الحصول على نص درامي يقف خلف كتابته مجموعة من الكتّاب. فجاءت الإجابات متفاوتة بين التأييد والرفض، كل بحسب رؤيته وفكره.
محمد الكندري: الهدف... الفكرة والموضوع والجدّية
الكاتب الدرامي والمسرحي محمد الكندري، عبّر عن رأيه في هذا الشأن قائلاً: «أؤيد هذه الفكرة بالتأكيد، لكن ليس الهدف هو القيام بورشة كُتّاب، بل الهدف الأساسي هو الفكرة والموضوع والجدّية بإنتاج عمل مميز. هناك أعمال قامت على ورش، والنتيجة لا شيء. وهناك أعمال أخرى قامت على نجوم صفّ أول والنتيجة كذلك لا شيء».
وأضاف «من هذا كله نستنتج أن الهدف الأساسي ليس فقط القيام بورش وتجميع كتّاب وما شابه ذلك، فالشرط الحقيقي لنجاح أي عمل هو المصداقية والجدية مع فكرة تكون خارج الصندوق حتى لو كانت بسيطة، إلى جانب كاتب عمل موهوب ومناسب، ليس بالضرورة أن يكونوا نجوماً».
علياء الكاظمي: أفضّل الكتابة بشكل فردي
فضّلت الروائية والكاتبة الدرامية علياء الكاظمي ألا تشارك في مثل هذه الورش، لافتة إلى أنه «من الممكن أن يكون النص الدرامي الذي يخرج من الورش ناجحاً وجميلاً، باعتبار أن الكُتّاب قد تعاونوا معاً في تنفيذه وكتابته، فتجتمع خبراتهم، ويُكمل كل منهم الآخر. لكنني على الصعيد الشخصي، أفضّل كتابة النص الدرامي بشكل فردي، ما يمنحني مساحة أكبر، وحرية أكثر في اختيار الأحداث، وصنع شخصيات العمل».
وتابعت «بالنسبة إليّ، أحب أن أكون من ترسم الأحداث، وأن أوجّه رسائلي الخاصة من خلال أعمالي الدرامية».
محمد النشمي: من يمتلك سر طبخة ناجحة... يحتفظ بها لنفسه
قال الكاتب الدرامي محمد النشمي «بشكل عام، أعتبر أنها فكرة حلوة، لكننا في الكويت نمتلك كاتباً ماهراً كل 10 سنوات، لذلك نحن لا نمتلك مجموعة كبيرة من الكتّاب الشطار الذين قد يشتركوا في مثل هذه الورش الكتابية. نعم، الساحة مليئة بأسماء الكتّاب، لكن ذلك لا يعني أنهم جميعاً ماهرون وشطّار، بل فئة قليلة منهم التي تمتلك هذه الصفة، وهم أنفسهم أصبحت أسماؤهم تبيع في المحطات التلفزيونية والمنصات الرقمية، لدرجة أنه يتم طلبهم بالاسم لكتابة الأعمال حتى لو لم يكن فيها أي نجم».
وتابع: «عن نفسي، اسمي اليوم يبيع في المحطات، لذلك أشعر أنني لست بحاجة للمشاركة في مثل هذه الورش، لأنني في حال كنت جزءاً منها لن أحصل على أي فائدة تذكر، بل على العكس سأكون الشخص الذي يعطي من خبرتي وطريقتي وتكنيكي في الكتابة، وأشعر أن ذلك يعتبر من الغباء، فمن يمتلك سر طبخة ناجحة، فالأجدر أن يحتفظ بها لنفسه حتى يستمر في بيعها على الدوام».
عبدالمحسن الروضان: أهم الإيجابيات... عامل الوقت
رأى الكاتب الدرامي عبدالمحسن الروضان أن «فكرة وجود ورشة كتابية ليست بالجديدة، إذ يُعمل بها حالياً على مستوى العالم أجمع، إلا أنها ليست ضرورية إن كان الكاتب قادراً على أن يتولى بنفسه ربط الخطوط الدرامية بشكل متماسك وفي تصاعد وإيقاع للقصة فلا بأس».
وأضاف «أرى أن الكثيرين يلجأون إلى الورشة الكتابية من أجل إنجاز أكبر لعامل الوقت وأيضاً من أجل خلق وجهات نظر متباينة، تجعل العمل الفني غنياً بمادته، وقد تسبب كذلك اختلافات بالآراء والتوجهات، فليس كل عمل تمت كتابته عن طريق ورشة كتابية حقق النجاح، وفي المقابل ليس كل عمل فردي لكاتب حقق إخفاقاً، فهي لها سلبياتها وإيجابياتها».
وأردف «من أهم الإيجابيات عامل الوقت في الإنجاز، وتحقيق فرص لعمل جماعي وتبادل الآراء».
منى الشمري: تنوع الأفكار والرؤى يثري النص
قالت الأديبة وكاتبة الدراما منى الشمري: «أؤيد تماماً فكرة ورش التأليف الجماعي للنصوص الدرامية لأسباب عدة، منها تنوع الأفكار والرؤى لوجود كتاب عديدين يتبادلون وجهات نظر مختلفة حول القصة وسير الأحداث وتطور الشخصيات، ما يُثري النص بالعمق والتنوع».
وأضافت «هذا قد يُنتج أعمالاً أكثر نجاحاً، خصوصاً في المسلسلات الصعبة التاريخية أو المعقدة التي تحتاج إلى بحث دقيق وتضافر جهود للتعامل مع المادة التاريخية وتحويلها لمادة درامية مشوقة وناجحة. ولنا في الأعمال العالمية خير مثال سواء في المسلسلات أو السينما، حيث نجحت في تقليل الأخطاء الفنية والهنّات وترهل النص، لأن في المراجعة الجماعية والعصف الذهني المشترك تُكتشف ثغرات الحبكة أو ضعف الشخصيات أثناء الكتابة وقبل التصوير».
وتابعت مشيرة إلى ندرة المبدعين في مجال الكتابة في الكويت والخليج، بالقول: «الشباب يستعجلون الشهرة ويبحثون عن الظهور والتواجد بأعمال متواضعة لا تترك بصمة ولا صدى، ويحدث أحياناً حين يدخلون في ورش تنشب الخلافات وفقدان الرؤية المشتركة والتمسك في وجهات النظر، فتضعف الفكرة ويحتوي النص على تناقضات غير منطقية وثغرات درامية، لهذا لا بد من وجود الكاتب الرئيسي والعقل المدبر الذي تعمل الورشة تحت يده، ليخلق حالة التوازن في الورشة يوحد الرؤية ويحل هذه المشاكل التي تؤثر على جودة ومستوى العمل».
وأكملت «كذلك، ليست كل الأعمال ينفع أن تُكتب بورشة، فثمة أعمال عظيمة تحمل بصمة وروح كاتب واحد تبقى وتعيش كلاسيكيات لتشاهدها أجيال مختلفة عبر الزمن ولا تموت. وحالياً، أعمل على تكوين ورشة الكتابة الخاصة بي وأرحب بوجود موهوبين حقيقيين ومبدعين في مجال الحكاية والكتابة لينضموا معنا كفريق عمل يقدم أعمالاً مبدعة ذات أثر».
نور البدري: النص الدرامي الناجح نتاج رؤية واحدة متماسكة
أبدت الكاتبة الدرامية نور البدري رفضها حول الأمر وقالت «لا أؤيد فكرة إقامة ورش كتابة جماعية لكل عمل درامي، لأنني أرى أن النص الدرامي الناجح هو بالأساس نتاج رؤية واحدة متماسكة، يحمل بصمتها ويعكس إحساسها وتوجهها الفني. الكتابة فعل إبداعي شخصي جداً، ينبع من تجربة الكاتب وفهمه العميق للشخصيات والصراعات، وعندما تتعدد الأقلام، غالباً ما نفقد هذه الخصوصية، ويتحول النص إلى مزيج غير متجانس من الأفكار والزوايا التي قد تفتقر إلى وحدة الهوية والرؤية».
وأكملت: «كما أن الورش في بعض التجارب، تتحول إلى بيئة إنتاجية أكثر منها إبداعية، ويصبح الهمّ هو تسليم الحلقات في وقت محدد بدلاً من العمل على تعميق الدراما وتطوير الشخصيات بصدق. هذا قد يؤدي إلى نصوص سطحية، متشابهة، وتفتقر إلى العمق الفني. لا أنكر أن الورش قد تنجح في بعض الحالات، خصوصاً في المسلسلات الطويلة أو الكوميدية، لكن حتى في تلك الحالات، يجب أن تكون هناك قيادة درامية موحدة تُمسك بخيوط الحكاية، وإلا فقدنا التجانس».
وأردفت «أؤمن بأن الكاتب الحقيقي هو من يستطيع حمل مشروعه الدرامي كاملاً، بمفرداته وصوته الخاص، وهذا ما يصنع الفرق بين عمل حيّ وآخر مُصنَّع».
إقرأ المزيد