«المسرح العربي» نكّس ستائره... برحيل «أم المسرحيين»
جريدة الراي -

... ونُكّست رايات الإبداع وأسدلت ستائر المسرح العربي برحيل الفنانة القديرة سميحة أيوب، التي ووريت الثرى اليوم، بعدما وافتها المنية في بيتها بالزمالك عن 93 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة استمرت لأكثر من 77 عاماً، كانت بدأتها في العام 1947 من خلال فيلم «المتشردة»، لتقدم من بعده مئات الأعمال، في التلفزيون والإذاعة والسينما، بينما كان النصيب الأكبر لخشبة المسرح التي تعشقها، لا سيما وأنها تتلمذت على يد المسرحي القدير زكي طليمات.

ووصف وزير الثقافة المصري أحمد هنو في بيان الراحلة بأنها «كانت نموذجاً للفنانة الوطنية المخلصة والمبدعة، التي أعطت للفن حياتها، ووهبت جمهورها مشواراً استثنائياً من الإبداع والتفرد».

منذ 45 دقيقة

منذ 46 دقيقة

كما نعاها المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، والهيئة العربية للمسرح، ونقابة المهن التمثيلية.

«من الزمن الجميل»

أيضاً، نعى عشرات الفنانين والمسرحيين والمبدعين في الكويت والوطن العربي، مَنْ وصفوها بـ «سيدة المسرح» و«أم المسرحيين»، التي رحلت عن الدنيا، وفي رصيدها إرثٌ ثقيلٌ من الأعمال الخالدة في أكثر من مجال فني، كما تركت ذكرى طيبة في قلوب محبيها، ممن تضرعوا بالدعاء إلى الله أن يرحمها ويغفر لها ويسكنها الجنة.

ونعتها الفنانة نادية الجندي، قائلة: «فنانة جميلة من الزمن الجميل الذي لا يعوّض وإنسانة وصديقة قبل كل شيء، وكانت من أكثر الناس المقربين لي، وكانت معايا في أصعب المواقف».

من جانبها، كتبت نبيلة عبيد: «برحيلها، فقد الفن العربي قامة شامخة، أثرت وجدان الملايين بأدائها القوي وقدرتها الفائقة على تجسيد مختلف الشخصيات».

أما الفنانة يسرا، فكتبت «خالص عزائي في وفاة سيدة المسرح العربي، أستاذتي الغالية سميحة أيوب، الإنسانة العظيمة والفنانة اللي كانت مثالاً للالتزام والرقي، وجسدت بعطائها معنى الفن الحقيقي».

بدورها، كتبت الفنانة شريهان «إنا لله وإنا إليه راجعون، في الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، صاحبة المسيرة الفنية والإنسانية العظيمة»، فيما كتب خالد النبوي «وداعاً الأسطورة الكبيرة الأستاذة سميحة أيوب. تعلمت منكِ كثيراً على خشبة المسرح وفي الحياة».

المسيرة

ولدت سميحة أيوب عام 1932 في ضاحية شبرا (شمال القاهرة)، وتخرجت في المعهد العالي للتمثيل، حيث تتلمذت على يد زكي طليمات وشقت طريقها نحو المسرح الذي قدمت له أكثر من 150 مسرحية من أبرزها «سكة السلامة» و«السبنسة» و«الفتى مهران» و«دماء على ستار الكعبة» و«الزير سالم» و«فيدرا» و«الناس اللي في الثالث».

وشغلت منصب مدير المسرح القومي في 1975 ولمدة 14 عاماً كما تولت إدارة المسرح الحديث.

وفي السينما، شاركت في عشرات الأفلام، منها «المتمردة» و«بين الأطلال» و«أدهم الشرقاوي» و«فجر الإسلام» و«الليلة الكبيرة» و«أرض النفاق».

كما حققت نجاحاً على شاشة التلفزيون عبر مجموعة كبيرة من المسلسلات من أشهرها «العودة» و«أوان الورد» و«الضوء الشارد» و«الطاووس»، وكانت آخر مشاركاتها السينمائية في فيلم «ليلة العيد»، الذي عرض في العام 2024.

3 زيجات

تزوجت الراحلة من الممثل محسن سرحان ثم من الممثل محمود مرسي، لكن أطول فترة زواج لها كانت من الكاتب المسرحي سعد الدين وهبة الذي قدمت معه عدداً من الأعمال منها مسرحيتا «كوبري الناموس» و«بير السلم».

حصلت على جائزة النيل، وهي أرفع جوائز الدولة المصرية، في الفنون عام 2015 كما نالت تكريمات متعددة من سوريا وتونس وفرنسا.

رحلة الوداع

كانت رحلة وداع الفنانة سميحة أيوب ما بين 55 شارع محمد مظهر في جزيرة الزمالك في القاهرة، مقر سكنها وإقامتها لسنوات طويلة، ومسجد الشرطة في مدينة الشيخ زايد في الجيزة، حيث أقيمت صلاة الجنازة، ومقابر الأسرة في مدينة 6 أكتوبر، في حضور عدد كبير من نجوم الفن، حيث كان في وداعها من المنزل الفنانة مديحة حمدي والفنانة لقاء سويدان والمخرج أشرف فايق، والمخرج خالد جلال والفنان ماهر محمود، واصطحبوا سيارة نقل الجثمان إلى المسجد.

وكان في انتظار «سيدة المسرح العربي» عدد كبير من الإعلاميين والفنانين والمواطنين، من بينهم نقيب المهن التمثيلية في مصر أشرف زكي، نادية الجندي، إيهاب فهمي، هشام عطوة، محمد صلاح، وقيادات وزارة الثقافة.

لا أورام

نفى مقربون من أسرة الراحلة، أنها كانت مصابة بأورام، مؤكدين أنها لم تعانِ من أي أمراض وأن صحتها كانت مستقرة تماماً حتى ساعات قليلة من الوفاة.

وقال الفنان رشوان توفيق: «حتى مساء الإثنين، كانت بخير، ولكنها فجأة رفضت الأكل، رحمها الله، ولم تكن سيدة المسرح العربى فقط، وإنما هي ملكة المسرح».

فنانو الكويت: فقدنا هرماً من أهرامات الفن المصري

نبيل الفيلكاوي: نموذج للفنانة الملتزمة بقضايا مجتمعها وفنها

نعى نقيب الفنانين والإعلاميين الكويتيين الدكتور نبيل الفيلكاوي، عبر «الراي»، وباسم النقابة الفنانة الراحلة، قائلاً إن «الفنانة القديرة سميحة أيوب من أبرز مبدعات الإعلام والمسرح والسينما والتلفزيون في مصر والعالم العربي كافة، كما أن مسيرتها تمثّل نموذجاً للفنانة الملتزمة بقضايا مجتمعها وفنها، وتبقى رمزاً للريادة في تاريخ المسرح والدراما العربية».

عبدالرسول: قدوة تجسدت بالالتزام والاحترام والرصانة

قال المسرحي القدير عبدالله عبدالرسول: «ببالغ الحزن والأسى رحلت الفنانة الكبيرة بفنها وعطائها وتاريخها سميحة أيوب (سيدة المسرح العربي) وأستاذة المسرح والمسرحيين، التي رحلت عن عالمنا بعد مسيرة مسرحية حافله بالعطاء والتاريخ الزاخر».

وأضاف عبدالرسول لـ«الراي»: «كانت رحمها الله إحدى أهم العلامات البارزة في تاريخ المسرح المصري والعربي على مدى العقود الماضية، لها حضور وأثر كبير وقوي، فاعل، مؤثر وداعم للفن العربي، وقدوة تجسدت بالالتزام والاحترام والرصانة والحفاظ على رسالة الفن المسرحي الملتزم».

ولفت إلى أن أيوب تحظى برصيد مسرحي مشرّف وزاخر بالأعمال المسرحية التي جسدت قيمة كبيرة في تاريخ المسرح المصري والعربي، و«هي بمثابة (أم المسرحيين العرب) لما لها من دور كبير في دعم الأجيال المسرحية المتعاقبة والوقوف بجانب قضايا المسرح والمسرحيين».

وختم بالقول: «خالص العزاء والمواساة للأصدقاء والزملاء المسرحيين وللأسرة المسرحية في جمهورية مصر العربية الشقيقة، وللأسرة المسرحية في الوطن العربي الكبير لرحيل القيمة والقامة الفنانة القديرة سميحة أيوب، رحمها الله».

بدر محارب: تضاهي في مكانتها العميد يوسف وهبي

قال الكاتب المسرحي القدير بدر محارب: «رحم الله الفنانة القديرة سميحة أيوب، التي وافتها المنية بعد رحلة عمل طويلة في المسرح والسينما والتلفزيون، تسيّدت خلالها الأعمال المسرحية التي قدمتها خصوصاً على المسرح القومي».

وأشار محارب إلى أن أيوب تعتبر رمزاً من رموز المسرح في الوطن العربي، و«هي تضاهي في مكانتها عميد المسرح العربي يوسف وهبي والجيل الدي رافقه في ذلك الوقت».

وأكمل عبر «الراي»: «لقد تركت إرثاً مسرحياً كبيراً لا يمكن أن يُنسى وقدمت أعمالاً خالدة استمرت طوال عقود من السنين، ولعلنا ما زلنا نتذكر مسرحيتها (سكة السلامة) التي كتبها زوجها المرحوم سعد الدين وهبة، وقدمت عام 1964 والتي ما زالت إلى اليوم خالدة في ذاكرة الجميع، ويُعاد تقديمها على شاشات التلفزيون، بالإضافة إلى مئات الأعمال الناجحة حتى لُقِبت بـ (سيدة المسرح العربي). رحم الله هذا الهرم الكبير الفنانة سميحة أيوب».

زهرة الخرجي: ما زلتُ أتذكّر صوتها الجهوري

تقدّمت الفنانة زهرة الخرجي بأحر التعازي إلى أسرة الفنانة الراحلة، عبر «الراي»، قائلة: «الله يرحمها ويغفر لها ويسكنها فسيح جناته، ويُلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان».

وأشارت الخرجي إلى أن أيوب أثرت الساحة الفنية والثقافية في مصر والعالم العربي بأسره، و«ما زلت أتذكر صوتها الجهوري القوي، وتلك النبرة المسرحية الاستثنائية... إنا لله وإنا إليه راجعون».

عصام الكاظمي: جسّدت مختلف الحالات الإنسانية

نعى الممثل المخرج والمدرب المسرحي عصام الكاظمي، الفنانة أيوب بالقول: «رحلت عن عالمنا سيدة المسرح العربي الفنانة القديرة سميحة أيوب، والتي كانت قمة من قمم الفن في مصر وهرم فني من أهراماتها، فإلى جانب مسيرتها الطويلة على الشاشة، كان لها دور كبير في تجسيد مختلف الحالات والشخوص الإنسانية على خشبة المسرح».

وختم الكاظمي في تصريحه لـ«الراي»: «إلى الآن، أستذكر كلماتها التي وجهتها للأبطال في فلسطين حين قالت: (أفعالكم أقوى من أي كلمات وشعارات، كل الدعم لكم)... رحمها الله برحمته الواسعة وألهم أهلها ومحبيها الصبر والسلوان».



إقرأ المزيد