جريدة الرياض - 5/2/2025 1:49:26 AM - GMT (+3 )

في إطار رؤية السعودية 2030، شهدت الساحة الرياضية السعودية تحولات جذرية تمثلت في تحويل عدد من الأندية الرياضية إلى شركات مملوكة لجهات تنموية واستثمارية كبرى، حيث تأتي هذه الخطوة ضمن مشروع استثمار وتخصيص الأندية الرياضية الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، في يونيو 2023، بهدف دعم وتطوير القطاع الرياضي، وتشجيع وتمكين القطاع الخاص للإسهام بفاعلية في المجال الرياضي.
من بين الأندية التي شملها هذا التحول: نادي الصقور (الذي أصبح نادي نيوم الرياضي حاليًا)، نادي القادسية، نادي الدرعية، وكل هذه الأندية أصبحت مضرب مثل في سرعة التحول وصورة إيجابية للفائدة المرجوة من عملية خصخصة الأندية الرياضية.
نادي نيوم الرياضي (الصقور سابقًا): انطلاقة جديدة نحو القمة
في ديسمبر 2023، أعلنت شركة نيوم عن تغيير اسم نادي الصقور الرياضي إلى «نادي نيوم الرياضي»، مع الكشف عن شعار وهوية جديدة تعكس طموحات المشروع الذي تحمله الشراكة الجديدة، وتم تعيين معاذ العوهلي، الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لنادي الاتفاق، كرئيس تنفيذي للنادي الجديد، قبل أن يتم في الـ 4 من نوفمبر من العام 2024 تعيين ألكس ليتاو في منصب الرئيس التنفيذي للنادي خلفًا للعوهلي الذي نجح خلال فترة رئاسته في فوز النادي ببطولة دوري كرة القدم للدرجة الثانية، في أول موسم كروي له بعد الاستحواذ، كما قام بتأسيس فريق كرة قدم نسائي، حيث نجح الفريق في تحقيق لقب دوري الدرجة الأولى للسيدات في نسخته الثالثة لموسم 2024 - 2025، بالإضافة إلى إسهامه في إطلاق برنامج لدعم الشباب والأجيال القادمة من المواهب في المملكة، ولم يتخلَ نيوم عن العوهلي بل أصبح يشغل دورًا استشاريًا في النادي.
نادي نيوم لا يزال يعيش تألقا غير مسبوق في تاريخ النادي، حيث أصبح الفريق قاب قوسين أو أدنى من تحقيق لقب بطولة دوري يلو وليس فقط الصعود للدوري الممتاز، حيث يحتاج الفريق للفوز في مباراتين من أصل 5 مباريات متبقية في البطولة لحصد اللقب، وهذا التحول جاء بعد انتظار دام 58 عامًا، حيث شهد النادي تطورًا ملحوظًا في أدائه بعد أن عاش سنوات من الغياب مترنحًا ما بين الدرجات الأولى والثانية والثالثة.
نادي القادسية: استثمار أرامكو في الرياضة
انتقلت ملكية نادي القادسية إلى شركة أرامكو السعودية، التي بدأت في تنفيذ خطة تطوير شاملة للنادي، بدأت هذه الخطة من تحديث المرافق الرياضية، وتطوير مرافق الفئات السنية، وإعادة تصميم مكاتب الموظفين.
على الصعيد الرياضي، عاد القادسية إلى الدوري السعودي للمحترفين بعد تتويجه بلقب دوري الدرجة الأولى «يلو» في الموسم الماضي وذلك بعد استحواذ شركة أرامكو على الفريق، حيث تم وضع خطة عاجلة ومحكمة لإعادة الفريق الى دوري المحترفين، حيث تم التعاقد مع صفقات قوية غيرت من شكل الفريق الفني مثل البيروفي كاريلو والأرجنتيني لوسيانو والإسباني ألفارو، هذا على صعيد اللاعبين الأجانب، أما أبرز الأسماء التي جاءت محليًا كان أحمد الكسار حارس مرمى المنتخب السعودي وتركي العمار أفضل لاعب آسيوي شاب، أبرز اسمين في قائمة القادسية، ونجح الفريق بالفعل في الموسم الأول من تحقيق هدف الصعود، ليبدأ القادسية مشوار التخطيط للمنافسة على الدوري الممتاز، حيث لم يعد القادسية كفريق يبحث عن البقاء وهو الشيء الذي اعتاد عليه الجميع في فترة سبقت استحواذ شركة أرامكو على النادي، إذ نجح الفريق في اقتحام مربع الأربعة الكبار منافسًا على المراكز المؤهلة للبطولة الآسيوية، ولا يزال الفريق يسعى لتأكيد حضوره ومشاركته في البطولة الآسيوية.
نادي الدرعية: تعزيز الهوية الثقافية والرياضية
في نادي الدرعية كانت القصة مختلفة تمامًا، القصة التي بدأت أول فصولها في يونيو من العام 2023 بعد أن تم تحويل ملكية النادي إلى هيئة تطوير بوابة الدرعية، ثم إلى شركة الدرعية المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، ولعب هذا التحول دورًا محوريًا في تاريخ النادي على جميع الأصعدة والتي أهمها الصعيد المالي والتنظيمي، حيث أسهم هذا التطور إلى إعادة بناء فريق طموح ومنافس، إلا أن الفريق لم يصعد مباشرة بعد التحول، ولكن لم يلبث حتى عاد ونجح في الصعود بصورة استثنائية تليق بهذا التحول، حيث نجح في تحقيق اللقب بجانب تحقيق العديد من الأرقام القياسية والتاريخية التي ستسجل في تاريخ البطولة منها حصوله على أعلى رصيد نقطي في تاريخ المسابقة بـ74 نقطة من أصل 30 مباراة، فاز في 24، وتعادل مرتين، وخسر 4، بجانب كونه أول فريق يصعد إلى دوري الدرجة الأولى قبل 5 جولات من نهاية دوري الدرجة الثانية.
ويسعى النادي ممثلًا بأعضائه على مواصلة التطوير الحاصل في الفريق لمواكبة المرحلة المقبلة بعد صعود الدرعية لدوري يلو، وذلك من خلال وضع رؤية مستقبلية تهدف إلى مواصلة التألق وصنع فريق منافس قادر على الوصول إلى دوري المحترفين.
الأكيد أن تجربة تحويل الأندية السعودية إلى شركات مملوكة لجهات تنموية واستثمارية كبرى، تأتي كخطوة استراتيجية محورية في مسار تطوير الرياضة الوطنية، حيث لم تقتصر آثارها على تحسين الأداء الرياضي فحسب، بل امتدت لتشمل الجوانب الإدارية، والبنية التحتية، وصناعة المواهب، وقصص النجاح المتسارعة في أندية نيوم، القادسية، الدرعية، وغيرها، تؤكد أن الخصخصة ليست مجرد إجراء تنظيمي، بل هي بوابة لحقبة جديدة من التنافسية والاستدامة.
ومع تزايد النجاحات، تتوسع التطلعات نحو رؤية أكثر شمولًا للقطاع الرياضي، تجعل من الأندية السعودية مؤسسات احترافية ذات تأثير محلي وإقليمي وعالمي، ولعل هذه التحولات ليست إلا البداية، نحو مستقبل تُصنع فيه البطولات كما تُصنع الفرص، ويُكتب فيه التاريخ بمداد التطوير، وبعزيمة وطن لا يعرف المستحيل.
إقرأ المزيد