«الاقتصاد الرقمي» يقود المستقبل ويعزّز مكانة المملكة عالمياً
جريدة الرياض -

تطورت الكثير من جوانب الحياة في المملكة العربية السعودية منذ إطلاق برنامج التحول الوطني عام 2016، كأول برامج رؤية السعودية 2030، إذ يعمل البرنامج على تحويل المملكة لتكون دولة رائدة، تقف في مصاف أفضل دول العالم، بعدما ركّز البرنامج على مجموعة واسعة من الأولويات، وأهمها تمكين القطاع الخاص، وتحقيق التميز الحكومي، وتطوير الشراكات الاقتصادية. ويعمل البرنامج على تسريع التحول الرقمي في المملكة، فعلى سبيل المثال، بدء العمل التجاري في المملكة يستغرق 30 دقيقة. و3 دقائق لاستخراج السجل التجاري فقط وحضور جلسات المحاكمات الافتراضية عن بعد من المنزل أو من أي مكان وساعدت كل هذه التغييرات على تلبية احتياجات المواطن والمقيم أينما كان. حيث أصبحت الخدمات أسهل وأشمل بفضل مبادرات البرنامج العديدة، وتوفرت فرص عمل في قطاعات واعدة لم تكن موجودة من قبل، كما حصلت النساء على فرص تمكين غير مسبوقة، مما انعكس على انضمامهم إلى سوق العمل بوتيرة متسارعة، وارتفع توظيف ذوي الإعاقة بمعدلات قياسية.

إلى ذلك كشفت بيانات ميزانية عام 2026 عن ملامح مرحلة جديدة يقودها الاقتصاد الرقمي والابتكار، ضمن مستهدفات المملكة العربية السعودية لتعزيز تنافسيتها العالمية وتنويع اقتصادها. وأظهرت البيانات أن حجم سوق الاتصالات والتقنية مرشّح للوصول إلى نحو 199 مليار ريال بنهاية عام 2026، بما يعكس النمو المتسارع للقطاع ودوره المحوري في دعم الاقتصاد الوطني.

وتتضمن المستهدفات إضافة شركتين ملياريتين جديدتين إلى السوق السعودي خلال عام 2026، في خطوة من شأنها تعزيز ديناميكية السوق المحلي، ورفع جاذبيته الاستثمارية، ودعم منظومة ريادة الأعمال والتقنيات المتقدمة. وفي مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، تمضي المملكة بخطى واثقة نحو تعزيز حضورها العالمي، حيث تستهدف الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي رفع تصنيف المملكة إلى ضمن أفضل 17 دولة عالمياً بحلول عام 2030. كما تركّز الاستراتيجية على بناء القدرات الوطنية، عبر تأهيل 20 ألف خبير ومختص في هذا المجال بحلول عام 2030، مع تحقيق نسبة إنجاز مرحلية تصل إلى 70 % بحلول عام 2026.

وتواكب هذه الجهود توسعاً ملحوظاً في الخدمات الحكومية الرقمية، حيث تتجه المملكة إلى تعزيز شمولية الخدمات عبر تطبيق «توكلنا»، الذي سيُعاد تصميمه ليصبح منصة وطنية شاملة، مع رفع عدد الخدمات المقدمة من خلاله إلى 926 خدمة بنهاية عام 2026، بما يسهم في تحسين تجربة المستفيد ورفع كفاءة تقديم الخدمات. ويأتي هذا التقدم امتداداً لمستهدفات رؤية السعودية 2030، التي أولت قطاع تقنية المعلومات أهمية كبرى بوصفه أحد القطاعات الواعدة والداعمة لتنويع مصادر الدخل. وقد عمل برنامج التحول الوطني على تهيئة البيئة الممكنة للتحول الرقمي، من خلال تطوير البنية التحتية للاتصالات، وتوسيع نطاق الحكومة الإلكترونية لتشمل قطاعات حيوية مثل الخدمات العدلية والصحية والتعليمية.

وفي هذا السياق، أظهرت تقارير دولية ريادة المملكة في مجال الحكومة الرقمية، حيث جاءت ضمن المجموعة الأولى للدول الأكثر تقدماً وابتكاراً في تقديم الخدمات الحكومية والتفاعل مع المواطنين، وفق تقرير GovTech الصادر عن البنك الدولي. كما سجلت المملكة مستويات نضج رقمي متقدمة، حيث تجاوزت نسبة 97 % من الخدمات الحكومية المقدمة إلكترونياً، بإجمالي يزيد على 6200 خدمة رقمية متاحة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وتحدّد استراتيجية الحكومة الرقمية للفترة (2023 – 2030) خريطة طريق واضحة لتعزيز جودة وكفاءة الخدمات الحكومية الرقمية، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مع التركيز على تقديم خدمات رفيعة المستوى تلبي احتياجات المستفيدين بكفاءة وفعالية. كما أطلقت هيئة الحكومة الرقمية مبادرة قياس التحول الرقمي 2024، التي تهدف إلى رفع التزام الجهات الحكومية بقرارات التحول الرقمي، وتحسين جودة الخدمات الرقمية، وتعزيز مكانة المملكة دولياً، بوصف قياس التحول الرقمي أداة محورية لتسريع وتيرة التحول، وتحسين الأداء الحكومي، ورفع رضا المستفيدين وجودة الحياة.

وفي جانب الاستثمارات، كشفت البيانات عن قفزة نوعية في سوق التقنيات بالمملكة، حيث ارتفع حجم الاستثمارات بنحو 14 مرة، من 100 مليون دولار في مراحل سابقة إلى أكثر من 1.3 مليار دولار حالياً في رأس المال الجريء. وأسهمت المبادرات والشراكات، خاصة مع صندوق الاستثمارات العامة وصناديق وطنية مثل صندوق التنمية الوطني، في تعزيز نمو القطاع وبناء الكفاءات الوطنية. في حين سجل قطاع التجارة الإلكترونية في المملكة أعلى قيمة للاستثمار الجريء في النصف الأول من العام 2025، بالاستحواذ على 36 % من إجمالي الاستثمار الجريء بقيمة 1.1 مليار ريال. في حين تصدر قطاع التقنية المالية المشهد من حيث عدد الصفقات بواقع 30 صفقة، بالاستحواذ على 26 % من إجمالي عدد صفقات الاستثمار الجريء في المملكة.

وتمكنت المملكة من الاستحواذ على 52 % من حصة أسواق المنطقة في قطاع التقنيات، محققة نمواً بنسبة 33 % خلال العام الماضي، رغم تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، ما يعكس قوة البيئة الاستثمارية واستدامة النمو في القطاع الرقمي. وتتطلع المملكة بحلول عام 2030 إلى أن تكون ضمن أفضل عشر دول عالمياً في مجال الحكومة الرقمية، مستندة إلى مجموعة من المرتكزات، تشمل رفع رضا المواطنين وجودة الحياة، وتعزيز تنافسية الأعمال عبر المنظومة الرقمية، وتحقيق تحول رقمي شامل في العمليات الحكومية، ورفع الكفاءة والإنتاجية، وتعزيز الانفتاح الحكومي من خلال البيانات المفتوحة، إلى جانب تبني مفهوم الحكومة الخضراء وتقليل الانبعاثات الكربونية في تقديم الخدمات الرقمية.حققت المملكة قفزات نوعية في مجالات الاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات، والحكومة الرقمية ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، لترسخ مكانتها قوةً رقميةً إقليميةً وعالميةً. ووفقًا لتقرير رؤية المملكة 2030، بلغ حجم الاقتصاد الرقمي السعودي نحو 495 مليار ريال، مساهمًا بنسبة 15 % من الناتج المحلي الإجمالي، في انعكاس واضح للنمو المتسارع الذي يشهده القطاع. كما واصل سوق الاتصالات والتقنية ليسجل رقمًا جديدًا بعد أن قفز إلى أكثر من 180 مليار ريال بحلول عام 2024، مدفوعًا بتوسع استثمارات القطاع الخاص وزيادة الابتكار، ليعزز مكانته بصفته أكبر سوق للتقنية بالمنطقة.

وعلى صعيد مراكز البيانات، سجلت المملكة نموًا بنسبة 42 % في السعة خلال عام 2023، لتصل إلى 290.5 ميغاوات، مما عزز من جاهزية البنية التحتية الرقمية لاستيعاب التوسع في الخدمات السحابية والتطبيقات الذكية. وتوسعت شبكة الألياف الضوئية لتغطي اليوم أكثر من 3.9 ملايين منزل، وبلغت نسبة انتشار الإنترنت على مستوى المملكة نحو 99 %، ما وضع السعودية ضمن أعلى الدول اتصالًا. وساهم ذلك في رفع نسبة مشاركة المرأة في قطاع التقنية من 7 % في عام 2018 إلى 35 % اليوم، وهي النسبة الأعلى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتجاوز المتوسط المسجل في كل من مجموعة العشرين والاتحاد الأوروبي ، بما يعكس عمق التحول الشامل نحو تمكين الكفاءات الوطنية في الاقتصاد الرقمي.

الرياض - حازم بن حسين


إقرأ المزيد