جريدة الرياض - 12/21/2025 3:59:54 AM - GMT (+3 )
ارتفعت أسعار النفط، في إغلاق تداولات الأسبوع الفائت يوم الجمعة، وسط مخاوف من اضطرابات محتملة ناجمة عن حصار أمريكي لناقلات النفط الفنزويلية، بينما ترقب السوق لأخبار حول اتفاق سلام محتمل بين روسيا وأوكرانيا، والذي حد من مكاسب الخام، ودفع الأسعار لتسجيل ثاني خسارة أسبوعية متتالية.
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 65 سنتًا، أو 1.1%، لتستقر عند 60.47 دولارًا للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 51 سنتًا، أو 0.9%، ليستقر عند 56.66 دولارًا.
وبذلك، انخفض سعر خام برنت، وخام غرب تكساس الوسيط بنحو 1% هذا الأسبوع، بعد أن انخفض كلا الخامين القياسيين بنحو 4% الأسبوع الماضي.
وفي أسواق الطاقة الأخرى، أدى الانخفاض الأخير في أسعار العقود الآجلة للبنزين الأمريكي إلى أدنى مستوى له في أربع سنوات إلى خفض هوامش الربح بين البنزين والبنزين، والتي تقيس هوامش ربح التكرير، إلى أدنى مستوى لها منذ فبراير.
وأفاد محللون في شركة ريتربوش وشركاؤه للاستشارات في مجال الطاقة، في مذكرة لهم، أن "قطاع النفط يحقق مكاسب طفيفة، محافظًا على استقراره فوق أدنى مستوياته التي سجلها في وقت سابق من الأسبوع، في انتظار مزيد من التوجيهات بشأن محادثات السلام الأوكرانية الروسية، فضلًا عن الأخبار الجديدة الواردة من فنزويلا حول التأثير المحتمل لحصار ناقلات النفط الذي يبدو أن ترمب قد فرضه". وفي الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى إنهاء الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، حثت الأمم المتحدة أوكرانيا وأوروبا على اتخاذ الخطوة التالية نحو السلام.
وقرر قادة الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراض 90 مليار يورو (105 مليارات دولار) لإقراض أوكرانيا لتمويل دفاعها ضد روسيا على مدى العامين المقبلين، بدلًا من تجاوز الخلافات حول خطة غير مسبوقة لتمويل كييف بأموال روسية سيادية. ولم يقدم بوتين أي تنازلات، يوم الجمعة، بشأن شروطه لإنهاء الحرب في أوكرانيا، واتهم الاتحاد الأوروبي بمحاولة "نهب" الأصول الروسية.
في غضون ذلك، شنت أوكرانيا، لأول مرة، هجوماً جوياً بطائرات مسيرة على ناقلة نفط روسية تابعة لـ"أسطول الظل" في البحر الأبيض المتوسط، وفقاً لما صرح به مسؤول يوم الجمعة، مما يعكس تصاعد حدة هجمات كييف على سفن النفط الروسية.
وحول الحصار الفنزويلي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، يوم الجمعة، للصحفيين أن الولايات المتحدة لا تشعر بالقلق إزاء تصعيد الموقف مع روسيا فيما يتعلق بفنزويلا، في ظل تعزيز إدارة ترمب لقواتها العسكرية في منطقة الكاريبي.
قال توني سيكامور، المحلل في شركة آي جي، إن حالة عدم اليقين بشأن كيفية تطبيق الولايات المتحدة لنية ترمب منع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات من دخول فنزويلا ومغادرتها قد خففت من علاوات المخاطر الجيوسياسية. وأفادت مصادر مطلعة على عمليات تصدير النفط الفنزويلية، أن فنزويلا، التي تضخ نحو 1% من إمدادات النفط العالمية، سمحت يوم الخميس لشحنتين غير خاضعتين للعقوبات بالإبحار إلى الصين. ودخلت ناقلة نفط خاضعة للعقوبات، تحمل نحو 300 ألف برميل من النافثا من روسيا، المياه الفنزويلية في وقت متأخر من مساء الخميس، بينما توقفت ثلاث ناقلات أخرى خاضعة للعقوبات عن الملاحة أو بدأت بتغيير مسارها في المحيط الأطلسي، وفقًا لبيانات تتبع السفن.
وحول الإنتاج الأمريكي، انخفض عدد منصات الحفر في حوض بيرميان غرب تكساس وشرق نيو مكسيكو، وهو أكبر تكوين صخري منتج للنفط في الولايات المتحدة، بمقدار ثلاث منصات الأسبوع الماضي ليصل إلى 246 منصة، وهو أدنى مستوى له منذ أغسطس 2021، وفقًا لبيانات شركة خدمات الطاقة الأمريكية بيكر هيوز. يُعد عدد منصات الحفر مؤشراً مبكراً على الإنتاج المستقبلي. وقد يشير انخفاض العدد إلى انخفاض في الإنتاج المستقبلي.
في تطورات أسواق الطاقة، تكدّست ناقلات النفط الروسي قبالة الصين مع تراجع مشتريات الهند إثر العقوبات الغربية. وبحسب بيانات شركة "كبلر"، فإن خمس ناقلات على الأقل كانت راسية في البحر الأصفر حتى يوم الأربعاء، تحمل مجتمعة نحو 3.4 ملايين برميل من الخام، أي ضعف كميات الأسبوع الماضي، وهو أعلى تجمع لهذا النوع من النفط في المنطقة منذ أكثر من خمس سنوات.
وتقع المنطقة قبالة إقليم شاندونغ، الذي يحتضن العديد من مصافي التكرير المستقلة في الصين. يُعدّ هذا التكدّس لنفط الأورال قبالة الصين حالة فريدة لفتت أنظار المتعاملين في سوق النفط، نظرًا لأن المصافي الصينية لا تشتري عادة نفط الأورال المحمّل من الموانئ البعيدة في الغرب، وتفضّل الخامات الروسية الآتية من الموانئ الشرقية نظرًا لقرب المسافة وغنى ذلك النفط بالديزل.
في ظل تشديد الرقابة الأمريكية على تدفقات النفط الروسي المتجهة إلى الهند في الأسابيع الماضية، وفرض عقوبات على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل”، اتجه بائعو خام الأورال للبحث عن مشترين بديلين في شرق آسيا.
ويُتوقع، بحسب مسؤولين محليين، أن تتراجع واردات الهند من خام الأورال خلال هذا الشهر إلى نحو 800 ألف برميل يوميًا، انخفاضًا من الذروة المسجّلة في يونيو عند مليوني برميل يوميًا. حتى الآن، لا يُعرف ما إذا كان الأورال المكدس قبالة السواحل الصينية وجد مشترين بالفعل، أم لا يزال يتم التسويق له. إذ غالبًا ما تبحر الناقلات من الموانئ الغربية في روسيا دون تأمين مشترين مسبقًا، غير أن تضخم الأسطول الراسي في تلك المنطقة ربما يدلّ على تحوّل طرأ على التجارة.
من جهة أخرى، توقعت وكالة الطاقة الدولية ان ينجه الطلب على الفحم لتراجع تدريجي حتى 2030، مع توسّع استخدام مصادر الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي المسال. ووفقًا لتقرير الفحم السنوي الصادر عن الوكالة يوم الأربعاء، يُرجّح أن يرتفع الطلب بشكل طفيف بنسبة 0.5% هذا العام إلى مستوى قياسي يبلغ 8.845 ملايين طن، قبل أن ينخفض بنسبة 3% بحلول عام 2030.
لطالما شكل تحديد "ذروة الفحم" تحديًا أمام المحللين، في ظل استمرار الاستهلاك القوي في الصين والهند، رغم إغلاق العديد من المناجم في الاقتصادات المتقدمة وتسارع الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وقد أقرت الوكالة بحالة الغموض القائمة، مُحذرةً من أن توقعاتها للسنوات الخمس المقبلة “لا تزال عُرضةً لكثير من عدم اليقين الذي قد يؤثّر عليها بشدة”.
تُعزى صعوبة تحديد ذروة استهلاك الفحم بدرجة كبيرة إلى الصين، التي تشكل أكثر من نصف الاستهلاك العالمي. وبينما تتوقع وكالة الطاقة الدولية تراجعًا طفيفًا في استهلاك البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، حذّرت من أن “انخفاض إنتاج الطاقة المتجددة أو تسارع مشاريع تغويز الفحم قد يحوّل هذا الانخفاض المحدود إلى زيادة طفيفة”.
في تطور مهم، تراجعت مخزونات النفط في الولايات المتحدة 1.3 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في الثاني عشر من ديسمبر، أقل من التوقعات البالغة انخفاضًا بنحو 1.9 مليون برميل. كما أشارت البيانات إلى ارتفاع مخزون البنزين 4.8 ملايين برميل خلال نفس الفترة، وزيادة مخزونات المقطرات -بما يشمل الديزل وزيت التدفئة- بمقدار 1.7 مليون برميل.
في وقت، تدرس الولايات المتحدة خيارات من بينها استهداف السفن التابعة لما يُعرف بـ”أسطول الظل” الروسي من ناقلات النفط المستخدمة في نقل النفط الروسي، إضافة إلى التجار الذين يسهلون معاملات بيع النفط الروسي.
وناقش وزير الخزانة سكوت بيسنت هذه الخطط خلال لقائه مع مجموعة من السفراء الأوروبيين في وقت سابق من الأسبوع الماضي. وكتب بيسنت في منشور على منصة “إكس” بعد الاجتماع: “الرئيس ترمب هو رئيس السلام، وقد أكدت مجددًا أنه في ظل قيادته ستواصل الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لإنهاء الحرب في أوكرانيا”.
فُرضت سلسلة من العقوبات على روسيا منذ بدء حربها الشاملة ضد أوكرانيا في 2022، ولم تُحدث حتى الآن أي تغيير في حسابات بوتين. ومع ذلك، أدت الإجراءات التي استهدفت شركات النفط الكبرى والتجارة الروسية إلى هبوط أسعار النفط الخام إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الغزو، ما زاد الضغط على اقتصاد البلاد المتعثر بالفعل.
تجري المناقشات حول المزيد من الإجراءات، في حين أحرز المفاوضون الأمريكيون والأوكرانيون بعض التقدم هذا الأسبوع نحو شروط اتفاق سلام محتمل. وزار المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف برلين لإجراء محادثات استمرت يومين مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين حول أحدث المقترحات.
وعلى صعيد منفصل، دعا الرئيس الفرنسي ماكرون لإعادة التوازن في العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والصين مُحذرًا من اختلالات تجارية متفاقمة، فيما دعا إلى تعزيز التنافسية الأوروبية، وإلى تعاون دولي يجنب العالم نزاعات تجارية؛ وذلك بعد نحو أسبوعين من زيارة بكين.
وأشار ماكرون إلى بلوغ الفائض التجاري الحالي للصين مع بقية العالم “مستوى هائلًا” قدره تريليون دولار، لافتاً إلى أن الفائض التجاري للصين مع الاتحاد الأوروبي تضاعف تقريبًا ليصل إلى 300 مليار يورو خلال 10 سنوات، مُوضحًا أن الرسوم الجمركية الأمريكية، وضعف الاستهلاك المحلي، أديا إلى تدفق الصادرات الصينية إلى أوروبا بكثافة. وتابع: "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لا لأوروبا ولا للصين".
واعتبر ماكرون، أن فرض رسوم جمركية على الصادرات الصينية لأوروبا، سيكون ردًا “غير تعاوني”، قائلًا: “علينا الإقرار بأن هذه الاختلالات هي نتيجة ضعف إنتاجية الاتحاد الأوروبي، وسياسة الصين القائمة على النمو المدفوع بالصادرات”.
وحذّر الرئيس الفرنسي، من أن الاستمرار في هذا المسار ينطوي على خطر نشوب "نزاع تجاري وخيم"، لكن الصين والاتحاد الأوروبي يمتلكان معًا الأدوات اللازمة لمعالجة هذه الاختلالات. وأضاف: "تعزيز السوق الموحدة، وإطلاق مدخرات الأوروبيين، سيسهمان في تحفيز الابتكار والنمو في القارة. كما سيؤدي تحقيق تكافؤ الفرص أمام الاستثمار بين المنطقتين، إلى رفع مساهمة الطلب المحلي كمصدر للنمو”.
إقرأ المزيد


