المملكة توقع برفع أسعار النفط لآسيا لأعلى مستوى في أربعة أشهر
جريدة الرياض -

ترفع السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، أسعار نفطها الخام لشهر أغسطس للمشترين في آسيا إلى أعلى مستوى لها في أربعة أشهر، بعد ارتفاع الأسعار الفورية خلال الحرب بين إيران وإسرائيل.

وأفادت مصادر تجارية أن أسعار البيع الرسمية لخام النفط العربي الخفيف الرئيس في أغسطس قد ترتفع بمقدار 50 - 80 سنتًا لتصل إلى ما بين 1.70 و2 دولار للبرميل مقارنة بالشهر السابق، وفقًا لمصادر من أربع مصافي آسيوية.

وأظهرت البيانات أن مثل هذا الارتفاع من شأنه أن يضع سعر البيع الرسمي لخام النفط العربي الخفيف في أغسطس عند أعلى مستوى له منذ أبريل. وأظهر استطلاع أنه من المتوقع أن ترتفع أسعار البيع الرسمية لخام النفط العربي الخفيف جدًا، والمتوسط، والثقيل في أغسطس بمقدار 50 - 60 سنتًا للبرميل مقارنة بشهر يوليو.

أثارت حرب استمرت 12 يومًا، بدأت باستهداف إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية في 13 يونيو، مخاوف من انقطاع إمدادات النفط بسبب مخاوف من احتمال إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي خُمس تدفقات النفط العالمية. وأدى الصراع إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها في خمسة أشهر، ثم تراجعت إلى مستويات ما قبل الأزمة بعد وقف إطلاق النار.

وكانت مؤشرات أسواق النفط في الشرق الأوسط متقلبة أيضًا، حيث قفزت علاوة دبي النقدية على عقود المبادلة إلى أعلى مستوى لها في أربعة أشهر تقريبًا عند 3.34 دولارات في 19 يونيو، قبل أن تغلق عند 2.73 دولار أمريكي يوم الاثنين. وبلغ متوسط ​​علاوة دبي 1.88 دولار للبرميل في يونيو، بزيادة قدرها 61 سنتًا عن مايو.

ويتوقع المشاركون في الاستطلاع أن تتبع أسعار البيع الرسمية السعودية إلى حد كبير أسعار السوق الفورية. ومع ذلك، يتوقع مصدر في قطاع التكرير أن يكون سعر خام العربي الخفيف متماشيًا مع سعر خام عُمان نظرًا للطلب القوي على الإمدادات الآجلة.

وقد طلبت مصافي التكرير الآسيوية بالفعل المزيد من إمدادات الخام الآجلة للتحميل في أغسطس وسبتمبر من منتجي الشرق الأوسط. وأضافت المصادر أن مصافي التكرير تعالج أيضًا المزيد من الخام لتلبية الطلب القوي على الوقود في فصل الصيف.

ومع ذلك، فإن ارتفاع إمدادات أوبك+ قد يحد من مكاسب الأسعار. ومن المقرر أن تعلن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها عن زيادة كبيرة أخرى في الإنتاج قدرها 411 ألف برميل يوميًا لشهر أغسطس، في إطار سعيها لاستعادة حصتها السوقية، وفقًا لما ذكرته مصادر المنظمة.

وأفادت بعض المصادر أن أرامكو السعودية قد تُصدر أسعار البيع الرسمية بعد اجتماع المنظمة في 6 يوليو. وتحدد أسعار البيع الرسمية للخام السعودي اتجاه أسعار النفط الإيراني والكويتي والعراقي، مما يؤثر على حوالي 9 ملايين برميل يوميًا من الخام المتجه إلى آسيا. وتحدد أرامكو السعودية أسعار خامها بناءً على توصيات العملاء، وبعد حساب التغير في قيمة نفطها خلال الشهر الماضي، بناءً على العائدات وأسعار المنتجات.

وذكرت مصادر تجارية أن شركات التكرير الآسيوية طلبت المزيد من إمدادات النفط الخام الآجلة للتحميل في أغسطس وسبتمبر من منتجين في الشرق الأوسط بعد ارتفاع علاوات الأسعار الفورية. وصرح مصدر في أحد موردي النفط الخام في الشرق الأوسط: "نتلقى اهتمامًا إضافيًا من عملائنا في آسيا"، مضيفًا أن الطلبات تتعلق بشحنات تُحمّل في أغسطس وسبتمبر.

وصرح مصدر في إحدى شركات التكرير الآسيوية بأن أسعار البيع الرسمية لخام الشرق الأوسط أقل من أسعار البيع الفورية، مما يجعل طلب المزيد من الإمدادات الآجلة أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية.

وعادةً ما يُخطر منتجون مثل أرامكو السعودية، وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وشركة تسويق النفط العراقية (سومو) عملاءهم بعقود محددة الأجل بكميات النفط المخصصة لهم قبل شهر من موعد تحميل الشحنات.

ولدى أرامكو خمسة أنواع رئيسية من النفط الخام وهي العربي الخفيف، والعربي الخفيف جداً، والعربي الخفيف الممتاز، والعربي المتوسط والعربي الثقيل. ويمتاز الخام العربي الخفيف الممتاز بدرجة كثافة تزيد على 40 دائما، فيما يتميز الخام العربي الخفيف جدًّا بدرجة كثافة تتراوح بين 36 و40، والخام العربي الخفيف بدرجة كثافة بين 32 و36، والخام العربي المتوسط بكثافة بين 29 و32 درجة، أما الخام العربي الثقيل فكثافته تقل عن 29 درجة.

وتسعى شركة أرامكو السعودية، إحدى أكبر شركات الطاقة والكيميائيات المتكاملة في العالم، جاهدة لتوفير طاقة موثوقة وأكثر استدامة وبأسعار معقولة للمجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتحقيق القيمة لمساهميها عبر دورات الأعمال من خلال المحافظة على ريادتها في إنتاج النفط والغاز ومكانتها الرائدة في مجال الكيميائيات، وبهدف تحقيق القيمة من خلال سلسلة منتجات الطاقة وتنمية محفظتها بشكل مربح.

وتتمتع أرامكو السعودية بعدد من المزايا التنافسية، منها انتاجها أحد أقل أنواع النفط الخام من حيث كثافة الانبعاثات الكربونية الصاحبة لأعمال قطاع التنقيب والإنتاج مقارنة بكبار منتجي النفط، علاوة على تمتع الشركة بحق تشغيل منفرد وطويل المدى لموجودات تنقيب وإنتاج عالية الجودة ومتمركزة في مناطق متقاربة.

وتعد الحقول البرية عمومًا مصدر خامات المملكة العربية السعودية الأخف وزناً، بينما يركز الإنتاج البحري بشكل أساسي عن الخامات المتوسطة والثقيلة. ويعد الخام العربي الخفيف الأكثر انتاجاً، بمتوسط إنتاج في عام 2022 بلغ 5.42 ملايين برميل في اليوم.

يشار إلى أن المملكة تلتزم بإمدادات نفطية محددة بما تمليه قرارات أوبك+. ووفقاً لقائمة توزيع حصص زيادة الإنتاج لدول أوبك+ الثمان، لشهر يوليو، تحدد إنتاج السعودية عند 9,534 ملايين برميل يومياً.

وأظهرت بيانات كبلر أن صادرات المملكة العربية السعودية ارتفعت إلى 6.0 ملايين برميل يوميًا في مايو، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر في يونيو، مما يشير إلى وجود فجوة بين اتفاقيات الإنتاج والصادرات الفعلية. فيما شهدت المملكة العربية السعودية، انخفاضًا في صادراتها في أبريل، حيث بلغت 5.75 ملايين برميل يوميًا، بانخفاض عن 5.80 ملايين برميل يوميًا في مارس، وفقًا لبيانات جمعتها شركة كبلر لتحليل السلع.

وفي معظم دول الشرق الأوسط المُصدرة للنفط، تُمثل عائدات النفط أكثر من 70 % من دخل الحكومات ونحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي بل إن دولًا مثل العراق والكويت تتجاوز هذه المستويات. ورغم التحولات السياسية في بعض الدول، مثل تغيير النظام في العراق، لا تزال حكومات المنطقة تعتمد بشكل كبير على قطاع النفط كركيزة أساسية للاستقرار الاقتصادي وأداة للحفاظ على السلطة والنفوذ في جميع أنحاء أراضيها.

وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد السعودي أبدى صمودًا كبيرًا في مواجهة الصدمات الخارجية، بدعم من نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي، مدفوعا في المقام الأول بالاستهلاك والاستثمار الخاص غير النفطي، في حين كانت قطاعات تجارة التجزئة والضيافة والبناء في طليعة مسيرة النمو، وفقًا لصندوق النقد الدولي.

ويتوقع الصندوق نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي للمملكة 3.4 % خلال العام الحالي، مقارنة بنحو 4.2 % العام الماضي، بسبب الاستمرار في تنفيذ مشروعات “رؤية السعودية 2030” من خلال الاستثمارات العامة والخاصة، فيما سيسهم نمو الائتمان في الحفاظ على الطلب المحلي وتخفيف وطأة تأثير انخفاض أسعار النفط.

ويظل التأثير المباشر لارتفاع التوترات التجارية العالمية محدودًا على اقتصاد المملكة، نظرًا لإعفاء المنتجات النفطية من التعريفات الجمركية الأمريكية، حيث شكلت هذه المنتجات 78 % من صادرات السلع من السعودية إلى الولايات المتحدة في عام 2024، في حين أن الصادرات غير النفطية إلى الولايات المتحدة لا تتجاوز 3.4 % من مجموع الصادرات غير النفطية من المملكة، وفقًا لصندوق النقد. 

على المدى المتوسط، من المتوقع أن يؤدي الطلب المحلي، بما في ذلك زخم الفترة التي تسبق استضافة السعودية لفعاليات دولية كبيرة إلى بلوغ النمو غير النفطي قرابة 4 % في عام 2027 قبل استقراره عند 3.5 % بحلول 2030. 

وبفضل الجدول الزمني للإلغاء التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط بموجب اتفاقية “أوبك+”، سيتلقى نمو إجمالي الناتج المحلي الكلي للمملكة دعما وتتسارع وتيرته ليبلغ 3.5 % خلال العام الحالي ونحو 3.9 % في 2026 قبل أن يستقر عند نحو 3.3 % على المدى المتوسط.

وأشار البيان الختامي لخبراء صندوق النقد الدولي عقب اختتام زيارتهم بشأن مناقشات مشاورات المادة الرابعة مع المملكة للعام 2025، إلى استمرار قوة الزخم في سوق العمل، مع تراجع معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7 % في عام 2024، متجاوزًا الهدف الأصلي في “رؤية السعودية 2030”. 

ويظل التضخم في السعودية قيد الاحتواء في ظل تباطؤ تضخم الإيجارات، وبرغم ارتفاع التضخم الكلي بنسبة طفيفة حيث بلغ 2.3 % في أبريل الماضي، إلا أنه لا يزال منخفضًا، بدعم من ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية، بحسب بيان خبراء الصندوق.

وقال الصندوق، إن تجاوز حدود الإنفاق أدى إلى تفاقم عجز المالية العامة الكلي، ويرتبط ذلك جزئيًا بتعجيل وتيرة تنفيذ “رؤية السعودية 2030” وثبات إيرادات النفط، لافتًا إلى ارتفاع الدين الحكومي إلى 26.2 % من إجمالي الناتج المحلي حيث أصبحت السعودية أكبر الأسواق الصاعدة المصدرة للدين بالدولار في عام 2024. ومع هذا لا تزال المملكة من أقل البلدان من حيث مستوى الدين على مستوى العالم وصافي دينها يعد منخفضا نسبيا فلا يتجاوز 17 % تقريبًا من إجمالي الناتج المحلي.

ويرى الصندوق أن ضعف الطلب على النفط، الذي يرجع إلى تزايد حالة عدم اليقين، وتصاعد التوترات التجارية العالمية، يمكن أن يفضي إلى تراجع إيرادات المملكة النفطية، ما سيؤدي بدوره إلى ارتفاع عجز المالية العامة والدين، وزيادة تكاليف التمويل، كما قد يؤدي حدوث انخفاض مفاجئ في إنفاق الحكومة أو تباطؤ في تنفيذ الإصلاحات أو فرض مزيد من المعوقات أمام نمو الاستثمار الخاص. 

على العكس من ذلك، فارتفاع إنتاج وأسعار النفط إلى مستويات تفوق التوقعات وتسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات يمكن أن يحققا مكاسب على صعيد النمو الاقتصادي للمملكة بدرجة أقوى وفي وقت أبكر من المتوقع.

ويتوقع صندوق النقد انخفاض عجز المالية العامة الكلي للمملكة على المدى المتوسط، فبعد وصوله إلى مستوى ذروة بلغ 4.3 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 2025، سيتراجع إلى قرابة 3.3 % من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2030. في ظل هذا السيناريو الأساسي، سيسجل العجز الأولي غير النفطي انخفاضًا بنحو 4.2 % من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي خلال الفترة من 2025 إلى 2030. 

وطالب الصندوق السلطات السعودية بتعجيل الجهود الرامية إلى الحد من دعم الطاقة، بوسائل منها إلغاء الحد الأقصى لأسعار البنزين، فيما رحب بالتعديلات الجارية لأسعار الطاقة بما في ذلك مضاعفة أسعار الديزل منذ يناير 2024، حيث ساهمت هذه التعديلات مقترنة بانخفاض أسعار النفط عالميًا في تخفيض دعم الوقود إلى 3.5 % من إجمالي الناتج المحلي (مقابل 5.5 % في 2022). 

وفقًا لخبراء الصندوق لا تزال سياسة ربط العملة السعودية بالدولار الأمريكي ملائمة في الوقت الحالي، فهي توفر ركيزة ذات مصداقية للسياسة النقدية، كما أنها مدعومة بهوامش أمان خارجية وفي ظل وجود حساب رأسمالي مفتوح، من الضروري أن يظل سعر الفائدة الأساسي للبنك المركزي السعودي متسقًا مع سعر الفائدة الأساسي للاحتياطي الفيدرالي.



إقرأ المزيد