حزم مقابل العتب.. هكذا تناول الإعلام بالسعودية والإمارات تطورات اليمن
الجزيرة.نت -

تناولت وسائل إعلام سعودية وإماراتية تطورات الأزمة التي طفت على السطح بين البلدين أمس الثلاثاء بعدما تبادلت الرياض وأبو ظبي إصدار البيانات عقب قصف تحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية ميناء المكلا، وطلب مغادرة القوات الإماراتية اليمن خلال 24 ساعة فقط.

واستهدف قصف التحالف على ميناء المكلا في حضرموت أسلحة وعربات قتالية تم إنزالها دون تصاريح رسمية من سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة في الإمارات.

اقرأ أيضا list of 2 itemsend of list

وفي حين استحوذت هذه التطورات على تغطية واسعة من الإعلام السعودي لم تحظ -في المقابل- باهتمام مماثل من قبل الصحافة الإماراتية.

نبرة حازمة

اتسمت تغطية الصحف السعودية الصادرة اليوم الأربعاء وأمس الثلاثاء بنبرة حازمة مع استخدام مصطلحات مثل "الأمن القومي" و"الخطوط الحمراء" بدلا من "الشراكة".

وتركز تناول تلك الصحف حول "الشرعية السيادية" وحماية الحدود، وذلك بعد ساعات من قصف ميناء المكلا.

وأبرزت تلك الصحف في صدر صفحاتها البيانين الصادرين عن مجلس الوزراء ووزارة الخارجية في السعودية أمس الثلاثاء بشأن التطورات الأخيرة.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) عن وزير الإعلام سلمان يوسف الدوسري في بيانه أن مجلس الوزراء جدد التأكيد على أن المملكة "لن تتردد في اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهة أي مساس أو تهديد لأمنها الوطني، وعلى التزامها بأمن اليمن واستقراره وسيادته، ودعمها الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني وحكومته".

وعبّر المجلس عن أمله في أن تتخذ دولة الإمارات "الخطوات المأمولة للمحافظة على العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين".

كما نشرت كبريات الصحف السعودية -مثل عكاظ والرياض والشرق الأوسط- نص البيان الذي أعربت فيه المملكة عن "أسفها لما قامت به دولة الإمارات من ضغوط على قوات المجلس الانتقالي" للقيام بعمليات عسكرية قرب الحدود السعودية.

إعلان

وشدد البيان على أن "أمن المملكة خط أحمر"، وهي العبارة التي تصدرت عناوين الصحف.

وتميزت تغطية صحيفة عكاظ -تحديدا- بنبرة حادة تمثلت في إبرازها عناوين، مثل "المملكة تحذر: أمننا خط أحمر"، وركزت على أن السعودية لن تسمح بوجود قوى "خارجة عن سياق الشرعية" -في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي- في مناطق إستراتيجية مثل حضرموت والمهرة.

وحدة اليمن واستقراره

وركزت صحيفة الشرق الأوسط في تغطيتها على ضرورة "استعادة الدولة اليمنية" كمسار وحيد.

وبرز مقال للكاتب عبد الرحمن الراشد -نُشرت أجزاء منه اليوم- ناقش فيه "استحالة الانفصال دون توافق إقليمي ودولي"، مشددا على أن الجغرافيا تفرض على أي طرف في اليمن التنسيق مع الرياض أولا وأخيرا.

وحذر الراشد من أن الصراع الدائر في اليمن "سيجذب المزيد من القوى الخارجية للاقتتال هناك ما لم يتوقف المجلس الانتقالي عن تغوله على أقاليم الجنوب الأخرى الذي قد يفسد عليه ما حققه من إنجازات"، وفق تعبيره.

المملكة لديها حدود تزيد على 700 كيلومتر مع محافظتي حضرموت والمهرة، مما يجعلها "أكثر دولة معنية باستقرار أوضاعهما، وتأثراً بانعكاس ذلك على أمنها الوطني"

بواسطة خالد السليمان، عضو الجمعية السعودية لكُتّاب الرأي

مقاطع فيديو وصور

وبثت قناة الإخبارية السعودية (الرسمية) وصحيفة سبق مقاطع فيديو وصورا تُظهر مشاهد لآثار احتراق العتاد وكميات الأسلحة المهربة التي استهدفها تحالف دعم الشرعية في ميناء المكلا.

وبدا أن التوجه الإعلامي يهدف إلى إثبات "التجاوز" بالدليل البصري وتبرير الضربة كإجراء وقائي.

من جهتها، نشرت صحيفة عكاظ مقالا لخالد السليمان أشار فيه إلى أن لدى المملكة حدودا تزيد على 700 كيلومتر مع محافظتي حضرموت والمهرة، وهي ما يجعلها "أكثر دولة معنية باستقرار أوضاعهما، وتأثرا بانعكاس ذلك على أمنها الوطني".

الموقف من الإمارات

وأعرب السليمان عن أسفه بأن يأتي التهديد هذه المرة من "أطراف صُنفت صديقة، واعتمدت على الدعم السعودي طوال السنوات الماضية في تعزيز قدراتها على التصدي لمخططات وهجمات المليشيات الحوثية"، وفق قوله.

وفي افتتاحيتها اليوم الأربعاء قالت جريدة الرياض إن التصريحات السعودية "تجاه الموقف الإماراتي تعكس ثوابت لا تقبل التأويل"، مضيفة أن المملكة "لن تسمح لأي كان بالمساس بأمنها الوطني، باذلة في سبيل ذلك كل الوسائل الممكنة من أجل الدفاع عن أمنها وأمن المنطقة".

الصحافة السعودية تتبنى حاليا خطاب "السيادة الصارمة"، ولم تعد تتحدث عن "تنسيق" مع الجانب الإماراتي في اليمن، بل عن "تجاوزات تم التعامل معها عسكريا ودبلوماسيا"

وأكدت أن "التحالفات تُبنى على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل للسيادة"، وأشارت إلى أن السعودية هي "صمام الأمان" للمنطقة، وأن أي تحرك أحادي الجانب في اليمن يخدم أجندات "التفتيت" التي لن تقبل بها المملكة.

عتب دبلوماسي

أما الصحافة الإماراتية فقد تبنت سردية تجمع بين "العتب الدبلوماسي" والدفاع عن "تضحيات الإمارات"، مع التركيز على نفي الرواية السعودية بشأن شحنة الأسلحة.

كما نفت تهمة "تأجيج الصراع"، وشددت على أن الوجود الإماراتي في اليمن قانوني.

ونشرت الصحف نص البيان الذي أعربت فيه أبو ظبي عن "أسفها" للبيان السعودي، مؤكدة أنه تضمّن "مغالطات جوهرية".

ورفضت الإمارات قطعيا أي اتهام لها بتوجيه "المجلس الانتقالي" للقيام بعمليات تمس أمن المملكة، مشددة على أنها كانت دائما "السند والشريك" في التحالف.

السفن التي استُهدفت في ميناء المكلا لم تكن تحمل أسلحة للمتمردين، بل كانت تحمل "عربات وتجهيزات لوجستية تخص القوات الإماراتية" العاملة في مكافحة الإرهاب

بواسطة صحيفتا الاتحاد و البيان عن مصادر مسؤولة

ونقلت صحيفتا الاتحاد والبيان -اللتان تصدران من أبو ظبي ودبي على التوالي- عن مصادر "مسؤولة" أن السفن التي استُهدفت في ميناء المكلا لم تكن تحمل أسلحة للمتمردين، بل كانت تحمل "عربات وتجهيزات لوجستية تخص القوات الإماراتية" العاملة في مكافحة الإرهاب، وأن الجانب السعودي كان على علم مسبق بها، بحسب ما ذكرتا، وهو ما نفاه بيان المتحدث الرسمي باسم التحالف مساء أمس.

إعلان

وأبرزت الصحيفتان إعلان وزارة الدفاع الإماراتية إنهاء مهام ما تبقى من فرقها لمكافحة الإرهاب في اليمن "بمحض إرادتها"، في رسالة إعلامية مفادها أن الإمارات ترفض "الإملاءات" أو "المهل الزمنية" -مهلة الـ24 ساعة- التي وضعتها الرياض، مفضلة تصوير الأمر بأنه قرار سيادي لحماية جنودها.

وانتقل خطاب صحيفة الاتحاد إلى التذكير بالدور التاريخي للإمارات ومحاولة احتواء الموقف إعلاميا بـ"الحكمة".

وركزت افتتاحيتها اليوم على استعراض "قوافل الشهداء" والمليارات التي أنفقتها الإمارات لإعادة إعمار المناطق المحررة.

وأكدت أن "دولة الإمارات كانت وستظل حريصة على أمن السعودية"، لكنها شددت على ضرورة تعزيز التنسيق بدلا من "الاتهامات الأحادية".

تحذيرات أمنية

بدورها، حذرت صحيفة البيان في تغطيتها اليوم من أن انسحاب القوات الإماراتية المتخصصة في مكافحة الإرهاب قد يخلق "فراغا أمنيا" في اليمن قد تستغله الجماعات المتطرفة، وهي رسالة موجهة إلى المجتمع الدولي والسعودية على حد سواء.

وكتبت صحيفة الخليج -التي تصدر من الشارقة- في افتتاحيتها أن الإمارات شعرت "بخيبة أمل من زج اسمها ضمن الأحداث الجارية في اليمن".

وأضافت أن الإمارات "تستهجن الادعاءات التي وردت بشأن القيام بالضغط أو توجيه أي طرف يمني للقيام بعمليات عسكرية تمس أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة أو تستهدف حدودها".

ونشرت صحيفة ذا ناشونال -التي تصدر في أبو ظبي باللغة الإنجليزية- تحليلا معمقا عن القواعد العسكرية في اليمن مثل مطار الريان وبلحاف، موضحة أن خروج الخبرات الإماراتية قد يُعقّد المهمة الأمنية في حضرموت، مبرزة دعوات "المجلس الانتقالي" التي تطالب ببقاء الإمارات كضامن للاستقرار في المنطقة.

المصدر: الصحافة الإماراتية + الصحافة السعودية



إقرأ المزيد