الجزيرة.نت - 12/29/2025 7:58:01 PM - GMT (+3 )
Published On 29/12/2025
|آخر تحديث: 19:42 (توقيت مكة)
شارِكْ
حمل الظهور الأول للناطق الجديد باسم كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- مجموعة رسائل سياسية وبصرية وتنظيمية متداخلة، لم تقتصر على نعي سلفه بقدر ما عكست سعي الحركة إلى إعادة تثبيت صورتها ودورها.
وحافظت القسام -وفق محللين- على مقاربة أمنية محسوبة في هذا الظهور، من خلال التمسك بالاسم ذاته والهيئة نفسها، مع إبراز سلاح المقاومة بوصفه عنصرا رمزيا مقصودا، فضلا عن تأكيدها أن سياسة الاغتيالات لم تُحدث خرقا في منظومة المقاومة.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن الخطاب مثّل عبئا مضاعفا على المتحدث الجديد، بالنظر إلى المكانة الإعلامية التي شغلها الناطق السابق أبو عبيدة على مدى عقدين، لكنه في الوقت نفسه أظهر قدرة على الاستمرار في حمل الرسائل ذاتها شكلا ومضمونا.
وأشار القرار -خلال حديثه للجزيرة- إلى أن القسام تعمّدت اختيار التوقيت وطريقة الظهور، في رسالة مفادها بأن "اغتيال الأشخاص لا يعني نهاية الدور، وأن المسار مستمر حتى بعد استشهاد الرموز".
وأعلنت القسام الاثنين رسميا استشهاد الناطق باسمها أبو عبيدة وكشفت عن اسمه الحقيقي لأول مرة، وقالت إن اسمه "حذيفة سمير عبد الله الكحلوت (أبو إبراهيم)، وذلك خلال كلمة مصورة لخليفته الذي حمل الاسم ذاته "أبو عبيدة".
وشغل أبو عبيدة مهمة الناطق باسم كتائب القسام سنوات طويلة دون الكشف عن اسمه الحقيقي، وكان قد اكتسب زخما كبيرا على المستويين العربي والإسلامي على مدار عقدين وصولا إلى معركة طوفان الأقصى.
وحسب المتحدث، فإن الجزء الأبرز من الخطاب كان موجها إلى الداخل الفلسطيني خاصة في قطاع غزة، عبر التأكيد أن القسام والمقاومة في حالة التحام مباشر مع المجتمع الفلسطيني ويتشاركون معه كلفة المواجهة.
كما حمل الخطاب، وفق قراءته، رسالة واضحة تتعلق بشرعية سلاح المقاومة وارتباطه المباشر بمواجهة الاحتلال، إلى جانب مخاطبة الجماهير العربية للتحذير من خطورة الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة في المنطقة.
"إطار مؤسسي"من جهته، قرأ رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل بلال الشوبكي الظهور الأول للناطق الجديد بوصفه تأكيدا على أن "أبو عبيدة" بات إطارا مؤسسيا لا يرتبط بشخص بعينه.
إعلان
وحسب الشوبكي، فإن الجمع بين نعي الشخصية السابقة وإبراز الناطق الجديد بالهيئة ذاتها، يؤكد فكرة الاستمرارية ويحمل رسالة مفادها فشل الإستراتيجية الإسرائيلية في تقويض حماس بما فيها أدواتها الإعلامية.
أما بشأن السلاح، فقال الشوبكي إن الإشارة إلى أن سلاح المقاومة "بنادق فلسطينية بسيطة" لم تكن عفوية بل جاءت ضمن خطاب محسوب يهدف إلى نزع الذرائع المتعلقة بتضخيم القدرات العسكرية للمقاومة.
ورأى أن حماس سعت إلى إعادة تعريف السلاح بوصفه رمزا لحق الفلسطينيين في النضال "لا مخزونا عسكريا يهدد وجود إسرائيل".
ولفت إلى أن الخطاب أعاد تقديم رواية السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 من زاوية فلسطينية، باعتباره رد فعل على سنوات من الحصار والاعتداءات، مع التأكيد على أن حماس رغم الخروقات الإسرائيلية لا تزال ترى في التهدئة خيارا لوقف الانتهاكات وتقديم الاعتبارات الإنسانية.
ضغط على إسرائيلأما الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد، فربط الخطاب بتوقيته السياسي، مشيرا إلى أن صدوره عن كتائب القسام -وليس القيادة السياسية وقبيل لقاءات سياسية أميركية إسرائيلية- يعكس رسالة مباشرة بأن مستقبل قطاع غزة لا يمكن تقريره بمعزل عن المقاومة.
وأكد شديد أن الخطاب بدّد الانطباع السائد بأن الفلسطينيين غائبون عن أي ترتيبات مستقبلية، عبر التأكيد على حضور القسام بوصفها الفاعل الميداني الأساسي.
وأشار إلى أن طرح مسألة السلاح جاء في سياق معاكس، من خلال نقل النقاش إلى السلاح الإسرائيلي ذاته وتأثيره الإقليمي، معتبرا أن التغطية الواسعة التي حظي بها الخطاب في الإعلام العبري وترجمته الفورية تعكسان مستوى الاهتمام الذي أولته له المؤسسات الأمنية ومراكز الأبحاث في إسرائيل.
وخلص إلى أن إعادة تكريس البنية التنظيمية لحماس في هذا التوقيت تُضعف الرواية الإسرائيلية الرسمية، وتشكل ضغطا إضافيا على القيادة السياسية، في ظل الإقرار بعدم تحويل الإنجازات الميدانية إلى مكاسب سياسية.
وشدد الناطق الجديد باسم القسام -خلال الخطاب- على أن "السابع من أكتوبر" كان "انفجارا مدويا في وجه الظلم والقهر والحصار وكل أشكال العدوان بحق الأقصى وشعب فلسطين، والتي تجاوزت كل الخطوط الحمراء وتجاهلت كل المطالبات والتحذيرات وضربت بعرض الحائط كل المواثيق والاتفاقيات".
وأكد أن "الطوفان جاء ليصحح المسار ويعيد القضية إلى الواجهة بعد أن بدأت تدخل إلى غياهب النسيان".
إقرأ المزيد


