الجزيرة.نت - 12/29/2025 7:47:45 PM - GMT (+3 )
ربط برنامج “المتحري” بين استنزاف الجيش المصري في حرب اليمن خلال الستينيات، والدعم الإسرائيلي للملكيين، وصولا إلى نكسة 1967، كجزء من إستراتيجية إسرائيلية للهيمنة على البحر الأحمر.
كشف برنامج "المتحري" عن استهداف إسرائيل للجيش المصري بشكل غير مباشر من خلال دعم الملكيين اليمنيين في صراع اليمن خلال الستينيات، مما أدى إلى استنزاف القوات المصرية وتشتيت انتباهها عن الجبهة الإسرائيلية. ومع اكتشاف القاهرة دعم إسرائيل للملكيين بالأسلحة وتهديد الطيران المصري لعمليات النقل الجوي، شنت تل أبيب حرب 1967 المعروفة بالنكسة لتدمير الأسطول الحربي المصري وتعزيز أمنها البحري.
وكان "المتحري" قد كشف في حلقته التي بثتها قناة الجزيرة في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2025 عن الصراع القديم المتجدد بين إسرائيل واليمن، مسلطا الضوء على دور مضيق باب المندب والبحر الأحمر كمسرح رئيسي لتنافس النفوذ الإقليمي والدولي على بوابة التجارة العالمية. ورصد البرنامج تطورات الصراع عبر أرشيف ووثائق تمتد على نحو 80 عاما، بدءا من أول عملية عسكرية إسرائيلية خارج نطاقها الجغرافي وحتى التهديدات الحديثة للأمن البحري الإسرائيلي.
تزويد القوات الملكية اليمنيةبدأت تدخلات إسرائيل المبكرة في اليمن خلال الستينيات عبر مجموعة "عدن" البريطانية التي تواصلت مع الملحق العسكري الإسرائيلي في لندن، العقيد دان حيرام، لوضع خطة جسر جوي لتزويد القوات الملكية اليمنية بالأسلحة والإمدادات.
أطلق على العملية الاسم الرمزي "عملية النمر"، وكانت الأبعد جغرافيا في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي، وشملت 14 رحلة جوية بين 1964 و1966، باستخدام شعلات ضوئية لتنسيق العمليات مع المرتزقة البريطانيين على الأرض. شملت الأسلحة مدافع هاون ثقيلة، ورشاشات MG42، ومسدسات ألمانية، وبنادق بريطانية، وتمت إزالة الأرقام التسلسلية لتجنب التعقب.
إضعاف الجيش المصريأسهمت هذه العمليات في إضعاف الجيش المصري بشكل غير مباشر، إذ كان مشغولا بمحاربة الجمهوريين اليمنيين، بما أتاح لإسرائيل التمركز الإستراتيجي جنوب البحر الأحمر.
لاحقا، أصبح اليمن الجنوبي قاعدة خلفية للمنظمات الفلسطينية، خصوصا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي أقامت معسكرات تدريب بحرية وجوية، وكان الإسرائيليون يراقبون نشاطاتها عن كثب.
بلغت المواجهة ذروتها في يوليو/تموز 1971، حين استهدفت مجموعة فلسطينية ناقلة النفط الإسرائيلية "كورال سي" عند جزيرة ميون، ففتح ذلك الباب لعلاقات لاحقة بين الجبهة الشعبية والنظام اليمني الشمالي. وتطور الصراع الإقليمي بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، حيث أغلقت غواصتان مصريتان مضيق باب المندب، لترد إسرائيل بالتركيز على التغلغل في القرن الأفريقي بالتعاون مع إثيوبيا واستغلال الوجود البريطاني في إريتريا، ضمن اتفاقيات دفاعية سرية استمرت عقودا لتأمين قواعد استخباراتية وإستراتيجية.
إثيوبيا وإريترياوأظهرت تسجيلات أرشيفية، منها تصريحات موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، حرص إسرائيل على الحفاظ على علاقات جيدة مع الدول المطلة على البحر الأحمر لضمان مرور ناقلات النفط وتوسيع نفوذها الإستراتيجي، مع غياب أي تعاون مع الصومال آنذاك، مما يعكس اهتمام تل أبيب بالوجود في المنطقة عبر حلفاء محددين مثل إثيوبيا وإريتريا.
عاد البحر الأحمر إلى صدارة الاهتمام الإقليمي والدولي مع أحداث أكتوبر/تشرين الأول 2023 في غزة، مؤكدا أهمية اليمن ومضيق باب المندب كساحة حيوية للصراع الإسرائيلي العربي وسط تحولات جيوسياسية متسارعة.
وتكشف الحقائق أن تدخلات إسرائيل في اليمن لم تكن مجرد عمليات عابرة، بل جزء من إستراتيجية معمقة لضمان الأمن البحري، والسيطرة على مضيق باب المندب، واستنزاف القوى الإقليمية المنافسة، وفتح قنوات تعاون مع حلفاء في القرن الأفريقي، مما يعكس قدرة تل أبيب على مزج العمليات العسكرية المباشرة مع التحالفات الاستخباراتية لتعظيم مصالحها الإستراتيجية في الشرق الأوسط على مدى العقود.
Published On 29/12/2025
|آخر تحديث: 19:25 (توقيت مكة)
شارِكْ
إقرأ المزيد


