الدهون ليست السبب الوحيد.. لماذا يزداد وزنك أثناء الحمل؟
الجزيرة.نت -

زيادة الوزن أثناء الحمل تغير طبيعي وحيوي يعكس التكيف الفسيولوجي لجسم المرأة لتلبية احتياجات الجنين وضمان صحته. ومع ذلك فإن مقدار الزيادة ونمط تراكمها لهما تأثير مباشر على صحة الأم والجنين، ويستدعي فهم العوامل المسببة والطرق المثلى لإدارتها لضمان حمل صحي.

أسباب زيادة الوزن أثناء الحمل وسبل التعامل معها

تتعدد أسباب زيادة الوزن أثناء الحمل، وتتنوع بين ما هو طبيعي ضروري لنجاح الحمل وما قد يكون نتيجة لعوامل خارجية:

اقرأ أيضا list of 2 itemsend of list
1 – نمو الجنين

يمثل الجنين نفسه جزءا رئيسيا من زيادة الوزن، ويتطلب نموه توفير العناصر الغذائية والطاقة، مما يضيف وزنا متدرجا على مدار الحمل. ففي الثلث الأول من الحمل يكون الجنين صغيرا للغاية ويزن عادة أقل من 14 غراما، ومن ثم فإن مساهمته في زيادة وزنك ستكون محدودة.

ومع بداية الثلث الثاني من الحمل يزداد وزن الجنين تدريجيا ليصل إلى قرابة 900 غرام. وفي هذه المرحلة تصبح مساهمة وزن الجنين ملموسة بشكل أكبر، لكنها لا تصل ذروتها إلا في الثلث الثالث من الحمل، إذ يتراوح وزن الجنين حينها ما بين 3 – 3.5 كلغ تقريبا، أو ما يزيد قليلا عن ذلك.

2 – المشيمة والسائل الأمنيوسي

للمشيمة دور حيوي في دعم الحمل، فهي العضو المسؤول عن نقل الأكسجين والمواد المغذية من الأم إلى الجنين، وكذلك إزالة الفضلات الناتجة عن استقلاب الجنين. وتساهم المشيمة كذلك في الزيادة الإجمالية لوزن الأم أثناء الحمل، إذ يصل وزنها عادة مع نهاية الثلث الثالث إلى حوالي 500–600 غرام.

أما السائل الأمنيوسي فهو السائل الذي يحيط بالجنين ويعمل على حمايته من الصدمات الخارجية وتنظيم درجة الحرارة، ويتيح له التحرك بحرية، وهو ما يعزز نمو العضلات والعظام. ويزداد وزن السائل الأمنيوسي هو الآخر تدريجيا، إلى أن يصل إلى نحو 800 غرام تقريبا عند نهاية الحمل.

3 – زيادة حجم الدم والسوائل

يزداد حجم الدم لدى المرأة الحامل تدريجيا أثناء الحمل بنسبة قد تصل إلى 40% أو50% مقارنة بما قبل الحمل، وذلك لتلبية احتياجات الدورة الدموية للجنين وتوفير الأكسجين والمواد الغذائية الضرورية لنموه. ويشمل هذا الارتفاع زيادة البلازما وخلايا الدم الحمراء والمواد المغذية في الدم، وهو أمر ضروري لدعم الكريات الحمراء والوظائف المناعية للأم.

إعلان

وإلى جانب الدم يخزن الجسم مزيدا من الماء في الأنسجة والخلايا لضمان كفاءة الأيض، وتنظيم درجة حرارة الجسم، والحفاظ على التوازن الفسيولوجي، ويساهم هذا التخزين في زيادة الوزن الطبيعي للأم، ويؤثر على حجم الأنسجة، خاصة في الأطراف والبطن، ما يهيئ الجسم لتلبية متطلبات الحمل والولادة، كما أن لهذه الزيادة في السوائل دورا في تخفيف الصدمات على الجنين وتسهيل عملية التوسع الطبيعي للرحم أثناء نمو الجنين.

4 – الأنسجة الدهنية وتهيئة الجسم للرضاعة

يخزن الجسم الدهون مصدرا للطاقة أثناء الولادة والرضاعة، ويزداد حجم الأنسجة الدهنية في مناطق مثل الأرداف والفخذين والبطن، وهو أمر طبيعي ومتوقع، كما تحدث تغييرات واضحة في حجم الثديين استعدادا للرضاعة فتزيد وزنا إضافيا، وتعد هذه التغيرات جزءا من التحضير البيولوجي للولادة.

زيادة الوزن أثناء الحمل أمر طبيعي لا ينبغي أن تقلق منه المرأة (غيتي)
5 – تغيرات هرمونية تؤثر على الشهية

أثناء الحمل تشهد مستويات العديد من الهرمونات تغييرات كبيرة، ومن أبرزها هرمون البروجيستيرون والأستروجين وهرمون الحمل، وهي هرمونات لها دور مركزي في دعم نمو الجنين والحفاظ على الحمل. في المقابل يؤدي ارتفاع البروجيستيرون إلى زيادة الشهية وتعزيز الدهون في الجسم لتخزين احتياطي للطاقة، بينما يساهم الأستروجين في زيادة تدفق الدم وتعزيز نمو الأنسجة، مما قد يغير أيضا نمط توزيع الدهون في الجسم، إذ تتركز غالبا في منطقة البطن والفخذين والأرداف استعدادا للولادة والرضاعة.

أما هرمون الحمل فيؤثر على التغيرات في الشهية والذوق، مما قد يؤدي أحيانا إلى الرغبة في تناول أطعمة معينة أو الإفراط في الأكل. نتيجة لهذه التغيرات الهرمونية، قد تشهدين زيادة سريعة في الوزن إذا لم تضبطي النظام الغذائي وتراقبي السعرات الحرارية المتناولة للحفاظ على معدل زيادة وزن صحي أثناء الحمل.

ما معدل الزيادة الطبيعية للوزن أثناء الحمل؟

يعتمد تقدير معدل الزيادة الطبيعية للوزن أثناء الحمل على مؤشر كتلة الجسم قبل الحمل، وهو معيار يحدد الوزن الصحي الأمثل للمرأة، ويتم حسابه من خلال قسمة الوزن بالكيلوغرامات على مربع الطول بالمتر. وبناء عليه فإن:

  • زيادة  تتراوح بين 12.5 و18 كلغ زيادة مقبولة بالنسبة للنساء اللواتي يقل وزنهن عن الطبيعي (BMI < 18.5).
  • زيادة  تتراوح بين 11.5 و16 كلغ هي زيادة مقبولة بالنسبة للنساء ذوات الوزن الطبيعي (BMI 18.5–24.9).
  • زيادة بين 7 و11.5 كلغ مقبولة بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من وزن زائد قبل الحمل (BMI 25–29.9).
  • أما النساء اللواتي يعانين من السمنة (BMI ≥ 30)، فيجب أن يحرصن على عدم زيادة وزنهن بمعدل أكثر من  5 إلى 9 كلغ.

مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه القيم تقديرية وتختلف حسب الحالة الصحية للأم ونمط الحياة والعوامل الوراثية، لكنها مع ذلك توفر إطارا عاما لتقييم الزيادة الصحية للوزن أثناء الحمل.

مخاطر الزيادة المفرطة أو المحدودة في الوزن

على الرغم من أن زيادة الوزن أمر طبيعي أثناء الحمل، إلا أن هذه الحقيقة لا يجب أن تكون ذريعة تدفعك إلى المبالغة في تناول الطعام. فالزيادة المفرطة في الوزن تؤثر بشكل سلبي على صحتك وصحة جنينك كذلك. ومن المخاطر المحتملة:

إعلان

  • زيادة خطر الإصابة بسكري الحمل، مما يزيد من احتمالية ولادة طفل كبير الحجم ويصعب عملية الولادة الطبيعية.
  • ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل أو الإصابة بمقدمات تسمم الحمل، وهي حالة قد تهدد حياة الأم والجنين إذا لم تعالج.
  • زيادة احتمال الولادة القيصرية بسبب صعوبة المخاض الطبيعي.
  • صعوبة فقدان الوزن بعد الولادة، مما قد يؤدي إلى السمنة طويلة الأمد.

في المقابل، تعتبر النحافة أثناء فترة الحمل مؤشرا خطرا كذلك، ففي حال لم تكتسبي الوزن الكافي في أشهر الحمل قد تصبحين عرضة لمشاكل مثل:

  • الولادة المبكرة، حيث يولد الطفل قبل اكتمال نموه الطبيعي.
  • انخفاض وزن الطفل عند الولادة، مما قد يرفع خطر مشاكل صحية لاحقا.
  • نقص العناصر الغذائية الأساسية اللازمة لنمو الجنين بشكل سليم.
قلة النشاط البدني والجلوس فترات طويلة أو تجنب ممارسة التمارين المناسبة للحوامل يزيد من تراكم الدهون (شترستوك)
سبل التعامل مع زيادة الوزن أثناء الحمل

قد تأتي الزيادة المفرطة في الوزن من عوامل متعددة أبرزها الاعتماد على نظام غذائي غني بالسعرات الحرارية، ولا سيما الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالسكر والدهون.

قلة النشاط البدني والجلوس لفترات طويلة أو تجنب ممارسة التمارين المناسبة للحوامل هي الأخرى قد يزيد من تراكم الدهون وتعزز زيادة الوزن غير الصحية، كما يمكن أن يكون للمشاكل الصحية مثل سكري الحمل أو احتباس السوائل الناتج عن اضطرابات في الكلى أو القلب دور في زيادة الوزن بشكل غير متوقع.

ولا يمكن إغفال التأثير النفسي، إذ إن القلق أو التوتر قد يدفع بعض النساء إلى تناول الطعام بكثرة، مما يسهم بدوره في اكتساب وزن إضافي غير صحي أثناء فترة الحمل.

وبناء عليه تستطيعين اتخاذ إجراءات وقائية لتجنب الزيادة الناتجة عن هذه العوامل بما في ذلك:

1 – التغذية المتوازنة:

التغذية المتوازنة عنصر أساسي للحفاظ على زيادة وزن صحية أثناء الحمل، وينصح بالتركيز على الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية مثل الفواكه والخضروات والبروتينات والحبوب الكاملة لضمان تلبية احتياجات الأم والجنين.

ومن المهم تجنب الإفراط في تناول الأطعمة عالية السكر والدهون المشبعة، إذ قد تسهم في زيادة الوزن بشكل غير صحي، كما ينصح بتقسيم الوجبات إلى وجبات صغيرة ومتعددة على مدار اليوم بدلا من الاكتفاء بوجبتين أو ثلاث وجبات كبيرة، وهو ما يساعد على تحسين الهضم والتحكم في الشهية.

وبالنسبة للسعرات الحرارية الإضافية المطلوبة أثناء الحمل، فعادة ما ينصح بزيادة حوالي 300 سعرة حرارية يوميا في الثلثين الثاني والثالث، بما يضمن تلبية احتياجات الجنين دون الإفراط في اكتساب الوزن.

2 – النشاط البدني المعتدل:

يساعد النشاط البدني على التحكم في الوزن وتحسين المزاج وتقليل التورم وتحضير الجسم للولادة، لذلك من المهم ممارسة تمارين خفيفة أو معتدلة مخصصة للحوامل مثل المشي أو السباحة. لكن لا بد من استشارة الطبيب قبل ممارسة أي نشاط، لا سيما إذا كانت هناك مضاعفات أو خطر ولادة مبكرة.

3 – المتابعة الطبية المنتظمة:

للمتابعة الطبية المنتظمة دور أساسي في إدارة الوزن أثناء الحمل، إذ ينصح بقياس الوزن بشكل دوري في كل زيارة للطبيب أو ممرضة التوليد لمراقبة أي تغيرات قد تشير إلى زيادة غير طبيعية.

تساعد هذه المتابعة في الكشف المبكر عن أي ارتفاع سريع أو مفاجئ في الوزن قد يكون علامة على مشاكل صحية محتملة مثل مقدمات تسمم الحمل.

كما توفر المتابعة الطبية فرصة للاستفادة من استشارات التغذية المتخصصة، خصوصا في الحالات التي يصعب فيها ضبط النظام الغذائي أو تحقيق الزيادة المناسبة في الوزن، وهو ما يعزز القدرة على الحفاظ على وزن صحي ومتوازن طوال فترة الحمل.



إقرأ المزيد