الجزيرة.نت - 12/19/2025 8:16:05 PM - GMT (+3 )
Published On 19/12/2025
|آخر تحديث: 19:59 (توقيت مكة)
شارِكْ
تنفق الشركات مبالغ طائلة على تطوير وتبني أدوات الذكاء الاصطناعي بهدف رفع كفاءة وإنتاجية موظفيها، إلا أن عددًا كبيرا من العاملين لا يستفيدون من هذه الأدوات على النحو الأمثل، بحسب تقرير نشرته مجلة "فورتشن".
وفي هذا السياق، أوضحت آلي ميلر الرئيسة التنفيذية لشركة "أوبن ماشين"، خلال مشاركتها في مؤتمر "فورتشن برينستروم" المتخصص في الذكاء الاصطناعي، أن لهذه التقنيات أربعة استخدامات رئيسية ومتداخلة إلى حد كبير، إذ يمكن توظيفها أداة لإنجاز المهام البسيطة، أو مساعدا شخصيا، أو مفوّضا، أو حتى عضوا ضمن فريق العمل، وذلك تبعًا للهدف من استخدامها وطريقة التعامل مع النموذج.
وأضافت ميلر أن نحو 90% من الموظفين يقتصر استخدامهم للذكاء الاصطناعي على المرحلة الأولى فقط باعتباره أداة لإنجاز المهام السهلة أو محرك بحث متقدما، مما يؤدي إلى إهدار جزء كبير من الإمكانات التي توفرها هذه النماذج.
بساطة الأوامر تقود إلى نتائج محدودةتنتقد آلي ميلر الطريقة التي يتعامل بها كثير من موظفي شركات التقنية مع أدوات الذكاء الاصطناعي، إذ يشبه هذا التعامل استخدام برمجيات تقليدية قديمة تقوم فقط على إدخال الأوامر وانتظار المخرجات، دون الاستفادة من القدرات التفاعلية المتقدمة لهذه النماذج.
وتغفل هذه الممارسة ما يميز تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، التي تمتلك القدرة على الفهم والتكيف مع أسلوب المستخدم، كما تتطور تدريجيا مع تكرار الاستخدام وتحسين طريقة التفاعل معها.
وبحسب التقرير، يؤدي هذا الاستخدام المحدود إلى إبطاء جهود الشركات في تبني الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال، كما ينعكس سلبًا على إنتاجية الموظفين الذين يهدرون وقتًا كبيرا نتيجة سوء استخدام هذه الأدوات.
وتدعم هذه النتائج دراسة أجرتها شركة "كورنرستون أون ديماند"، أشارت إلى أن نحو 80% من موظفي الشركات في الولايات المتحدة يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي دون تلقي تدريب حقيقي يمكّنهم من الاستفادة الكاملة من إمكاناتها.
إعلان
ترى ميلر أن الاستفادة الحقيقية من الذكاء الاصطناعي تبدأ في اللحظة التي يتحوّل فيها الذكاء الاصطناعي من مجرد محرك بحث وأداة لإتمام المهام إلى شريك في الفريق، وهو الاستخدام الرابع والأكثر تطورا الذي تحدثت عنه ميلر سابقا.
ويجعل هذا الاستخدام الذكاء الاصطناعي جزءا لا يتجزأ من آلية العمل في الشركات، إذ يستطيع الوصول إلى كافة المعلومات التي يصل إليها أي موظف ويمكن توجيه الأوامر إليه والطلبات مثل أي موظف آخر في الشركة.
ويشير التقرير إلى أن "أوبن إيه آي" بدأت فعلا في توظيف هذا الاستخدام وتحقيقه بشكل واقعي في سجل العمل اليومي الخاص بها، إذ دمجت أداة البرمجة الخاصة بها في "سلاك" الخاص بالشركة لجعله يستقبل الأوامر والطلبات من الموظفين بشكل مباشر.
تؤكد ميلر أن الوصول إلى الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي يتطلب تحوله من مجرد أداة تتلقى الأوامر إلى أداة قادرة على توجيه المهام إلى الموظفين داخل الشركات. وتشير إلى أن الذكاء الاصطناعي في هذه الحالة يعمل على تعزيز أداء الموظفين والشركة كمنظومة متكاملة، بدلًا من الاكتفاء بدعم الأفراد بشكل منفصل.
وترى ميلر أن هذا التحول يمكن تحقيقه من خلال التخلي عن إعطاء الذكاء الاصطناعي تعليمات تفصيلية حول كيفية تنفيذ المهام، والتركيز بدلًا من ذلك على تحديد النتيجة النهائية المطلوبة، مع وضع ضوابط وشروط واضحة لا يجوز تجاوزها.
وتوضح أن هذه الآلية تدفع نماذج الذكاء الاصطناعي إلى السعي لتحقيق الهدف المحدد مع الالتزام بالقواعد الموضوعة، دون محاولة الالتفاف عليها أو تجاوزها، مما يعزز دقة النتائج وكفاءتها.
الذكاء الاصطناعي كموظف بدوام كاملوتشير ميلر إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يتحوّل في نهاية المطاف إلى ما يشبه موظفًا بدوام كامل، قادرًا على العمل بشكل مستقل لأكثر من ثماني ساعات متواصلة دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر.
وفيما يتعلق بطبيعة المهام التي يمكن أتمتتها، تنصح ميلر بتقسيم العمل وفقًا لمستوى الأهمية، بحيث يتولى الذكاء الاصطناعي نحو 70% من المهام غير الأساسية، و20% من المهام المهمة والمعقدة، في وقت تبقى فيه 10% من المهام المحورية، التي قد تؤثر في مستقبل الشركات، تحت الإشراف البشري المباشر.
وتختتم ميلر حديثها بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي ليس أداة جامدة أو بلا تفكير، محذرة من أن الشركات التي تتعامل معه بهذه العقلية قد تواجه تساؤلات حاسمة مستقبلًا حول أخطائها في تبني هذه التقنية.
إقرأ المزيد


