إدلب تعيد التعامل بالليرة السورية بعد سنوات من العملة التركية
الجزيرة.نت -

Published On 19/12/2025

|

آخر تحديث: 15:05 (توقيت مكة)

شارِكْ

إدلب- بعد سنوات من تداول العملة التركية في مناطق شمال غربي سوريا (حيث كان مركزا للمعارضة السورية إبان نظام بشار الأسد)، أعلنت محافظة إدلب أخيرا حصر التعامل بالليرة السورية في المعاملات المالية، تزامنا مع قرب إطلاق الحكومة السورية عملة جديدة ومرور عام على سقوط نظام الأسد في دمشق.

وألزم التعميم الصادر عن محافظة إدلب جميع المديريات والمؤسسات العامة وشركات القطاعين العام والخاص بالتعامل بالليرة السورية في المعاملات المالية والإدارية، إضافة إلى المصارف والمعامل ومجالس الوحدات الإدارية في المدن والبلدات والبلديات.

كما شمل التعميم محطات الوقود وأفران الخبز ومكاتب الصرافة، مشددا على ضرورة إظهار الصرافين سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأخرى على شاشات عرض واضحة داخل المكاتب، "بما يضمن شفافية أكبر في عمليات الصرف".

وبحسب تعميم محافظة إدلب، يأتي القرار "في إطار السعي إلى توحيد آلية التعاملات المالية وتنفيذ التعليمات الناظمة للعمل المالي داخل المحافظة".

وكانت المعارضة السورية، المتمثلة حينذاك بـ"حكومة الإنقاذ" العاملة في إدلب وأجزاء من ريف حلب شمالي سوريا، قد أعلنت عام 2020 بدء تداول العملة التركية وحظر التعامل بالليرة السورية، في خطوة قالت حينها، إنها جاءت نتيجة التدهور الحاد في قيمة الليرة السورية وفقدانها جزءا كبيرا من قيمتها المالية.

ومع سقوط نظام الأسد وتحرير كامل الأراضي السورية، عاد تداول الليرة السورية في إدلب وريف حلب محدودا، في وقت استمر فيه التعامل على نطاق أوسع بالدولار الأميركي والليرة التركية.

ويأتي هذا التطور في ظل مرحلة انتقالية تشهدها مناطق شمال غربي سوريا على المستويين الإداري والاقتصادي، مع مساعٍ لدمج هذه المناطق ضمن المنظومة الاقتصادية الوطنية، بعد سنوات من الانقسام النقدي والتعامل بعملات أجنبية فرضتها ظروف الحرب وتراجع مؤسسات الدولة.

اقتصاديون يخشون من أن يؤدي قرار اعتماد الليرة السورية إلى ارتفاع أسعار السلع في إدلب وريف حلب (الجزيرة)
ترحيب حذر

لاقى القرار ترحيبا حذرا لدى الأهالي في إدلب وريف حلب، إذ رأى كثيرون فيه خطوة ضرورية باتجاه توحيد عملة البلاد، في مقابل مخاوف من تقلب سعر صرف الليرة السورية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.

إعلان

ويرى عبد العزيز رحال، وهو تاجر مواد غذائية في ريف إدلب، أن قرار حصر التداول بالليرة السورية قد يسهم في تنظيم السوق وتقليل فوضى تعدد العملات، مشيرا في الوقت ذاته إلى مخاوف تقلب سعر الصرف.

وقال رحال للجزيرة نت، إن التجار في إدلب خصوصا يحتاجون إلى ضمانات باستقرار العملة وتوافر السيولة، ولا سيما في ظل ارتباط قسم كبير من الاستيراد والتسعير بالدولار الأميركي والليرة التركية.

من جهته، يرى العامل في مجال البناء حمزة خضير أن العودة إلى الليرة السورية قد تسهّل عمليات الدفع اليومية، مؤكدا أن الأهم بالنسبة للعمال هو الحفاظ على القدرة الشرائية للأجور.

ويوضح خضير أن أي تراجع في قيمة الليرة قد ينعكس سلبا على الدخل، ما لم يرافق القرار إجراءات تضمن ثبات الأسعار وتحسين مستوى الأجور، ولا سيما في القطاع الخاص.

إنهاء الانقسام النقدي

يرى مختصون في الشأن المالي والمصرفي أن قرار حصر التعامل بالليرة السورية يعكس توجها رسميا لإعادة ضبط المشهد النقدي في مناطق شمال غربي البلاد، بعد سنوات من تعدد العملات وتباين آليات التسعير، وما رافق ذلك من تحديات على صعيد الاستقرار المالي والرقابة على الأسواق.

وأكد الدكتور في العلوم المصرفية والمالية فراس شعبو، أن تعامل إدلب وريف حلب بالليرة التركية منذ عام 2020 جاء هربا من التدهور المتسارع في قيمة الليرة السورية، مع اشتداد الصراع بين النظام والمعارضة، إضافة إلى وجود علاقات اقتصادية وثيقة بين المعارضة السورية وتركيا، التي كانت تمثل آنذاك نقطة العبور الأساسية للتعاملات التجارية والمالية.

وقال شعبو، في حديث للجزيرة نت، إن سوريا بحاجة اليوم إلى استعادة السيادة النقدية المركزية وتعزيز السيطرة الاقتصادية المحلية، من توحيد سعر الصرف والتعامل بالليرة السورية، بهدف إنهاء حالة الانقسام النقدي والوصول إلى سوق موحدة.

الحكومة السورية ترغب في توحيد التعاملات النقدية في البلاد مع اقتراب إطلاق العملة الجديدة (الجزيرة)

ووفق شعبو، فإن من أبرز التحديات التي ستواجه تداول الليرة السورية في الشمال السوري ندرة السيولة، ما قد يعرقل التعاملات المالية اليومية، فضلا عن اختلاف تسعير البضائع في حال عدم استقرار سعر الصرف، مشددا على ضرورة توفير كميات كافية من الليرة السورية.

من جهته، حذّر المحلل الاقتصادي عبد السلام العمر من أن البدء بتداول الليرة السورية بدلا من الليرة التركية في إدلب وريف حلب ينطوي على جملة من المخاطر، في مقدمتها احتمال تقلب سعر الصرف في حال غياب أدوات ضبط السوق والرقابة النقدية الفاعلة.

وأشار العمر، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن ضعف الثقة في الليرة السورية قد يدفع بعض التجار إلى رفع الأسعار تحسبا للخسائر المحتملة، ما ينعكس سلبا على القدرة الشرائية للسكان في تلك المناطق.

ويُشار إلى أن سعر صرف الدولار الأميركي شبه مستقر عند 11 ألفا 530 ليرة سورية للمبيع، مقابل نحو 11 ألفا 480 ليرة للشراء في السوق المحلية، في وقت تشهد فيه الليرة السورية حالة من الاستقرار النسبي، مع آمال بتحسن سعرها تزامنا مع إلغاء العقوبات الأميركية.

إعلان



إقرأ المزيد