إيلاف - 11/26/2025 11:22:29 PM - GMT (+3 )
في جولة الصحف اليوم، نستعرض ثلاثة مقالات تتباين في موضوعاتها لكنها ترسم صورة واسعة لمشهدين سياسيين متوترين وظاهرة اجتماعية لافتة.
في السياسة الدولية، يستعرض مقالان من الصحافة الأمريكية والبريطانية مسارين مختلفين؛ إذ يشرح الأول خطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستهداف جماعة الإخوان المسلمين عبر تفكيك فروعها وتصنيف عناصرها، بينما يناقش الثاني الدور المثير للجدل لمبعوث الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، في مفاوضات الحرب الروسية-الأوكرانية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، نتوقف عند تجربة إنسانية من صحيفة بريطانية تسلط الضوء على اتساع ظاهرة منح الأطفال "أياماً للنوم" كاستراحة ذهنية من ضغوط المدرسة.
البداية من مقال بعنوان "ترامب يستهدف جماعة الإخوان المسلمين بحكمة" للكتاب ديفيد أديسنيك، إذ يناقش فيه نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه جماعة الإخوان المسلمين.
ويوضح أديسنيك أن الإدارة الأمريكية اعتمدت هذه المرة مقاربة "مدروسة" و"حكيمة" في التعامل مع الحركة، رغم أن ترامب ليس معروفاً بالتحفّظ.
ويشرح الكاتب على صفحات "نيويورك بوست" الأمريكية أن الإخوان المسلمين، كحركة عالمية، تقوم على مبادئ ثلاثة واضحة: "القرآن دستورنا، الجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، لافتاً إلى أن "من بين أذرع الحركة حركة حماس، ومن أبرز خريجيها زعيم القاعدة الراحل أيمن الظواهري".
ويبين الكاتب أن الجمهوريين في الكونغرس سعوا طوال عقد إلى تصنيف الجماعة تنظيماً إرهابياً بالكامل، عبر قرار يشمل كل فروعها في العالم. إلا أن ترامب، كما يقول الكاتب، "رفض هذا النهج بحزم"، مفضّلاً معالجة كل فرع على حدة.
ويشرح أن القرار التنفيذي الجديد يكلّف وزارتي الخارجية والخزانة بتقييم كل "فرع أو تقسيم" من الإخوان لمعرفة ما إذا كان يستوفي الشروط القانونية للتصنيف الإرهابي.
ويؤكد أديسنيك أن هذا المسار أكثر تأثيراً واستدامة، إذ يعكس الطبيعة "اللامركزية والفوضوية" للجماعة. فجماعة الإخوان المسلمين، كما يوضح، ليست لها قيادة موحدة ولا مجلس مركزي، وحتى "المرشد العام" للجماعة في مصر لا يملك وسائل لفرض هيمنته على الفروع الأخرى، التي تتكيّف بدورها مع أوضاعها المحلية.
ويشرح الكاتب أن هذا التفكك التنظيمي مهم قانونياً، إذ يمكن الطعن في أي تصنيف شامل أمام القضاء، وهو ما قد يؤدي إلى "فضيحة قانونية"، على حدّ وصفه، إذا أصر البيت الأبيض على وضع تنظيم بلا قيادة موحدة في خانة واحدة. لذلك، ينص القرار على تقديم تقرير خلال 30 يوماً حول الفروع في لبنان والأردن ومصر، مع قرار نهائي خلال 45 يوماً.
ويقول أديسنيك إن تقريراً أعدّه مع زملائه الشهر الماضي أكد أن فرعي لبنان والأردن جديران بالتصنيف. ففي لبنان يعمل الإخوان تحت اسم "الجماعة الإسلامية"، وقد "مجّدوا حماس" بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ثم "انضمّت ميليشياتهم إلى هجمات حزب الله على شمال إسرائيل".
أما في الأردن، فقد اكتشفت الاستخبارات هذا العام أن عناصر من الجماعة يصنّعون صواريخ وطائرات مسيّرة لاستهداف "مواقع حساسة" في المملكة.
- ماذا يعني توقيع ترامب أمراً تنفيذياً للنظر في تصنيف بعض فروع الإخوان المسلمين كمنظمات "إرهابية"؟
- ما الفرق بين جماعة "الإخوان المسلمون" وحزب "جبهة العمل الإسلامي" و"جمعية الإخوان" في الأردن؟
وفي مصر، يشرح الكاتب أن القمع الذي مارسه نظام عبد الفتاح السيسي على مدى عقد لم يغيّر من التوجّه الأيديولوجي للجماعة، إذ ما زالت تشيد بـ "إحياء حماس لجذوة الجهاد"، بل ودعت إلى تقديم "دعم عسكري" لغزّة.
ومع ذلك، أنتجت الجماعة مجموعتين عنيفتين سبق أن صنّفتهما إدارة ترامب الأولى إرهابيتين.
ويختتم الكاتب بالتساؤل حول كيفية التعامل مع دعم قطر وتركيا لفروع تتجاوز الخطوط نحو الإرهاب. ويشير إلى أن واشنطن قد تشدد الضغط سراً، وتلجأ لاحقاً إلى عقوبات على مسؤولين محددين، في خطوة "تشبه صدمة الإيقاظ" التي وجهها البيت الأبيض إلى الإخوان أنفسهم.
"ويتكوف قد لُعِب به من جانب بوتين"وفي مقاله المنشور في "ذا تايمز"، يتناول روجر بويس شخصية ستيف ويتكوف، رجل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مفاوضات السلام، موضحاً منذ البداية أن "ويتكوف قد لُعِب به من جانب بوتين".
ويشرح الكاتب أنّ المفاوضات مع روسيا دائماً ما تكون "مصنعاً للسمّ"، مستشهداً بقصة تشرشل وستالين عام 1944، عندما منح الزعيم السوفيتي موافقة صامتة على تقسيم النفوذ في أوروبا الشرقية، وهو ما رسّخ مبدأ المجال الروسي الواسع غير القابل للتحدي، على حد وصف الكاتب.
ويبين بويس أن ويتكوف لم يدرك حجم التنازلات التي قدمها لروسيا أثناء صياغته وثيقة "سلام عبر الاستسلام" المؤلفة من 28 نقطة، والتي تقلّصت لاحقاً إلى 19 بعد تدخل الأوروبيين والأوكرانيين.
ورغم ذلك، كما يقول الكاتب، "بقيت المطالب الروسية كما هي": منع الوجود العسكري الغربي في أوكرانيا، ومنع وصول السلاح الغربي إليها، وحظر انضمامها إلى الناتو إلى أجل غير مسمى".
في المقابل، يوضح بويس أنّ أهم مطالب كييف، وهو الحصول على ضمانة أمنية ضد الغزو المستقبلي، بات شبه مستحيل من دون مظلة غربية.
ويشرح الكاتب أن ويتكوف -رجل أعمال ارتبط بترامب منذ أربعة عقود- اكتسب ثقة الدائرة الضيقة للرئيس بفضل قدرته على "إتمام الصفقات". وقد تمكن بالفعل من تحقيق إنجازات في الشرق الأوسط، مثل دوره في تثبيت هدنة قصيرة في اليمن، وإبقاء ملف الرهائن في غزة حياً خلال الأسابيع التي سبقت وقف إطلاق النار. وينقل الكاتب عن عائلات الرهائن الإسرائيليين تقديرهم لدوره في الحفاظ على قضيتهم.
ومع ذلك، يوضح بويس أن هذا النجاح لا يخفي هشاشة أدوات ويتكوف. فهو يسافر بطائرته الخاصة "الخالية من الاتصالات الآمنة"، ويعتمد على ملخصات استخباراتية مقتضبة وعلى بودكاستات، بينما خضع في روسيا لمترجمين مرتبطين بأجهزة الاستخبارات.
ويورد الكاتب أن ويتكوف التقى بوتين وقال عنه: "اعتقدت أنه كان صريحاً معي، ولا أعتبره رجلًا سيئاً".
ويبين بويس أن الملفات التي تراكمت على طاولة ويتكوف تجاوزت قدراته، خاصة المهمة الروسية. كما يشرح أن ويتكوف لم يزر أوكرانيا بعد، بل تبنى روايات الكرملين حول "روسية" أوكرانيا، اعتماداً على شريكه الروسي-الأوكراني كيريل ديميترييف.
ويقول الكاتب إن ترامب أراد رجلًا يشبهه يمكنه "الضغط أو الإغراء أو الإضحاك" للوصول إلى نتائج سريعة. لكن ويتكوف، وفق بويس، رجل يمكنه وقف إطلاق النار والمساعدة في تبادل الأسرى، لكنه ليس جيدا في المفاوضات المعقدة التي تتطلب خبرة تاريخية واستراتيجية.
ويختتم بويس بتحذير من أن وقف إطلاق النار في أوكرانيا قد يكون ممكناً عام 2026، لكنه لن يتحول إلى سلام دون دبلوماسية محترفة، محذراً من "عقد من عدم الاستقرار" قد يمتد غرباً إذا فشلت الجهود.
ولهذا يناشد الكاتب ترامب: "رجاءً، أوقف هذا النوع من الدبلوماسية السريعة، وكخطوة أولى، أَقِل ستيف ويتكوف. فهو خارج عمقه تماماً".
"أعطي أطفالي أياماً للنوم كلما أرادوا من أجل صحتهم العقلية"وفي صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية، توضح شارلوت كريبس أنها تمنح أطفالها أياماً للنوم كلما احتاجوا إليها من أجل صحتهم النفسية، مشيرة إلى أنها في أحد الأيام اتصلت بالمدرسة وقدمت رسالة مقتضبة عن غياب ابنتها ليبرتي البالغة سبع سنوات لأنها شعرت بأنها "ستة من عشرة"، بحسب تقييم طفلتها.
وتشرح الكاتبة في مقالتها كيف أعادت ابنتها إلى السرير، وغطّتها ببطانيتها المفضلة، وقدمت لها الفطائر والحليب الدافئ، وتركتها تسترخي أمام جهازها اللوحي.
وتتوقع كريبس أن تتعرض لاتهامات من مؤيدي الانضباط الصارم، لكنها تؤكد أنها تفضّل تلبية احتياجات أطفالها على "الالتزام الأعمى" بالحضور الكامل.
وتشير إلى بحث جديد يبين أن الأهالي يمنحون أبناءهم في المتوسط ستة أيام راحة نفسية سنوياً، وأن 70 في المئة منهم لاحظوا تحسناً في سعادة أطفالهم وسلوكهم عند حصولهم على فترة راحة منتظمة من المدرسة.
كما يوضح البحث أن 75 في المئة من الآباء سبق أن سمحوا بأيامٍ لأسباب نفسية، وأن بعضهم يستغل اليوم في نشاطات ترفيهية مع الأطفال.
وتبين الكاتبة أن أطفالها مختلفون، فابنتها الأخرى، البالغة تسع سنوات، ترفض أخذ أي يوم عطلة حتى عندما تكون غير مرتاحة. وتوضح أنها شخصياً اعتادت في طفولتها استخدام الحيل للحصول على يوم راحة شعرت أنها تحتاجه نفسياً.
وتشير كريبس إلى أن هذه الظاهرة تأتي في وقت تعاني فيه المدارس من أزمة حضور وتزايد نسب الغياب، ما دفع الحكومة إلى إصدار أهداف حضور قائمة على الذكاء الاصطناعي.
كما يبيّن التقرير أن ثلثي الأهالي باتوا أكثر تساهلًا مع الغياب مقارنة بفترة ما قبل الجائحة، خاصة مع انتشار العمل من المنزل.
ومع أن الكاتبة لا تدافع عن حالات الغياب الشديد أو رفض المدرسة، فإنها ترى أن يوماً واحداً من الراحة قد يكون مفيداً، خصوصاً مع الإرهاق الذي يصيب الأطفال في نهاية الفصل الدراسي، وما تسببه وجبات المدرسة ووتيرة اليوم الدراسي من ضغط.
وتقول إن معلمي المدارس يعزون بعض الغياب إلى تأثيرات الجائحة ونقص الثقة بالنفس، بينما يرى الأهالي أن التعلم المخصص أو التعلّم عبر الألعاب قد يساعد. وتختم بأن منح الطفل "وقتاً مستقطعاً… وحضناً" قد يكون أحياناً أفضل ما يمكن للوالدين تقديمه من رعاية.
- "انطوائي ورجل أفعال وليس أقوال": كيف وصل فلاديمير بوتين إلى السلطة في روسيا؟
- هل يحاول بوتين شق الصف بين الولايات المتحدة وأوروبا؟
- من هو "مؤسس الإمبراطورية المالية" لجماعة الإخوان المسلمين الذي رحل عن عالمنا؟
إقرأ المزيد


