الجزيرة.نت - 11/15/2025 8:55:25 PM - GMT (+3 )
مراسلو الجزيرة نت
Published On 15/11/2025
|آخر تحديث: 20:25 (توقيت مكة)
شارِكْ
ألبرتا– مع اقتراب تصويت الثقة النهائي على ميزانية 2025-2026 الفدرالية في الجلسات التي ستبدأ في 17 من الشهر الجاري، يعيش البرلمان الكندي داخل أروقته حالة من التوتر السياسي، إذ يعتبر هذا التصويت اختبارا حاسما وتحديا لمصير حكومة مارك كارني الليبرالية الأقلية، قد يؤدي إلى سقوطها وإجراء انتخابات مبكرة إذا لم تحظ بدعم أحد الأحزاب السياسية الأخرى داخل البرلمان لتمريرها.
وكان كارني، قد أعلن عن أول ميزانية فدرالية في عهده في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري حملت عنوان "كندا القوية"، تتضمن 141 مليار دولار كندي (100 مليار دولار) من الإنفاق الجديد، يقابلها عجز مقداره 78.3 مليار دولار كندي (55.8 مليار دولار) للسنة المالية الحالية ونفقات بقيمة 585.9 مليار دولار كندي (417.9 مليار دولار)، ونمو اقتصادي نحو 1% سنويا على مدى العامين المقبلين، وهو أقل بكثير من التوقعات التي تم تقديمها في أواخر العام الماضي.
ووفقا لتوقعات الحكومة ستشهد نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي ارتفاعا خلال السنوات المقبلة، وتخصص الميزانية 81.8 مليار دولار كندي (57.8 مليار دولار) على مدى 5 سنوات لإعادة البناء وإعادة التسليح وإعادة الاستثمار في القوات المسلحة الكندية، وإلغاء 28 ألف وظيفة في القطاع العام بحلول 2029، مما أثار انتقادات حادة من المعارضة جراء التقشف المحتمل وغياب الإصلاحات الجذرية.
نجاح هش وترقب متزايدوشهد البرلمان في جلسات يومي 6 -7 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 3 تصويتات أولية على الميزانية حتى الآن، نجحت فيها الحكومة بفارق ضئيل، حيث تحتاج الحكومة الليبرالية التي تمتلك حاليا 170 مقعدا (بعد انضمام النائب المحافظ السابق كريس دانترومون في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري)، إلى 172 صوتا إيجابيا، أي دعم نائبين إضافيين أو امتناع 5 من المعارضة على الأقل.
إعلان
حزب "المحافظون" تراجع عددهم إلى (142 مقعدا) يرفضون الميزانية بشدة ويصفونها بـ"غير كافية لجعل كندا ميسورة التكلفة"، وستؤدي إلى ارتفاع تكلفة المعيشة والسكن، وحزب كتلة كيبيك (21 مقعدا) يشترطون تمويلا إضافيا لمقاطعتهم، وحزب الخضر (مقعدين) يعارضون الميزانية المقترحة ويطالبون بإدخال تعديلات عليها، في حين أن الحزب الديمقراطي (7 مقاعد) لم يعلن موقفه بعد.
وفي السياق، أكد كارني في مؤتمر صحفي، أن حكومته مصممة على التعاون مع جميع أعضاء البرلمان، وأنها تؤمن بفكرة الاستماع وتلقي الأفكار، مشيرا إلى أنه استمع إلى أفكار جديدة وجيدة وجرى دمجها.
بدوره، أعرب أستاذ الاقتصاد في جامعة ماكماستر، الدكتور عاطف قبرصي، عن استبعاده لانهيار الحكومة، قائلا "أعتقد أن انهيار الحكومة أمر مستبعد حاليا، لأنه لا مصلحة لحزب الديمقراطيين الجدد في إجراء انتخابات في الوقت الحالي، خاصة وأنه لم يستكمل بعد عملية انتخاب زعيمه الجديد، وحزب الكيبيك أيضا لا أعتقد أنه يسعى إلى التصعيد وخوض معارك انتخابية".
ويتوقع قبرصي في حديثه للجزيرة نت، أن الحكومة الليبرالية ستبقى قائمة لأسباب خارجة عن الميزانية نفسها، مشيرا إلى أن فشل الحكومة في الحصول على ثقة البرلمان سيكون مكلفا جدا لكل الكنديين، خاصة وهم يواجهون حربا اقتصادية ضروسا مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويرى قبرصي أن هناك إجماعا كنديا على توحيد القوى الكندية حتى ما بعد هذه الحرب الاقتصادية، وخاصة بعد فشل ترامب والجمهوريين في الانتخابات الأخيرة في نيويورك وفرجينيا وبنسلفانيا وكاليفورنيا، وأن هناك بوادر انقلاب على ترامب وسياساته في الكونغرس والمحكمة العليا، وفق رأيه.
أما الخبير الاقتصادي ومدير شركة ابتكارات للسياسات العامة، الدكتور نيلام بيدي، فقد رأى في حديثه -للجزيرة نت- أن الميزانية الفدرالية المقترحة تتمتع بفرصة قوية لإقرارها في البرلمان، وذلك للأسباب التالية:
- تأتي الميزانية في وقت تركز فيه كندا على تعزيز اقتصادها الداخلي، وتنويع اعتمادها التجاري على الولايات المتحدة، وبناء قاعدة مالية صلبة (حيث تُعد من أقل الدول في نسبة الدين الصافي إلى الناتج المحلي الإجمالي ضمن دول مجموعة السبع).
- تركز الميزانية على الاستثمارات طويلة الأمد في الطاقة النظيفة، والبنية التحتية، وغيرها من القطاعات التي تعزز الإنتاجية.
- من المتوقع أن تولد هذه الاستثمارات نشاطا إقليميا وصناعيا، مما يقلل من مقاومة المعارضة.
- توفر الميزانية حوافز للأعمال التجارية، مع التأكيد على تعزيز النمو والتنافسية والإنتاجية.
وعن التداعيات الاقتصادية في حال عدم تمرير الميزانية وسقوط الحكومة، يقول الأكاديمي عاطف قبرصي إن عدم تمرير الميزانية سيترتب عليه آثار سلبية جسيمة، في ظل الركود الاقتصادي الذي بدأ بالظهور، ومعدلات التضخم المستمرة في الارتفاع، واستمرار انتقال الشركات الصناعية الأميركية إلى الولايات المتحدة، حيث ستزيد كل هذه العوامل من صعوبة الوضع الاقتصادي الهش وتفاقم معاناة المواطنين المستمرة منذ سنوات عدة.
إعلان
أما الخبير الاقتصادي بيدي، فقد أشار إلى أن التصويت ضد الميزانية وإسقاط الحكومة قد لا يكون في مصلحة أحزاب المعارضة، فبعضها غير مستعد جيدا لخوض الانتخابات فورا، وسيُنظر إليها على أنها غير مسؤولة إذا أدت إلى استدعاء انتخابات في وقت تمر فيه المفاوضات التجارية بين كندا والولايات المتحدة بمرحلة حساسة للغاية.
ويضيف أن التداعيات الاقتصادية على عدم تمرير الميزانية، سيزيد من صعوبة الأوضاع المعيشية وسيخسر الكنديون المزيد من أعمالهم ووظائفهم، وسترتفع معدلات البطالة.
بدورهم، حذر خبراء الاقتصاد في معهد فريزر من أن استمرار الإنفاق الحكومي المرتفع دون تحقيق التوازن المالي يدفع كندا نحو "أزمة مالية" وشيكة، حيث ارتفع الدين الفدرالي لما يعادل 70% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد يصل إلى 79.2% بحلول عام 2028 /2029.
و في تحليل نشره المعهد على موقعه الإلكتروني، أشار الخبراء إلى أنه في حال أدى فشل تمرير الميزانية إلى سقوط الحكومة، فإن الاضطراب السياسي الناتج سيُسرّع من وتيرة هذه الأزمة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض الإيرادات الحكومية، تمامًا كما وقع في التسعينيات. ويؤكدون قائلين: "عندما يتجاوز نمو الدين سرعة نمو الاقتصاد، يصبح الوضع المالي الحكومي على مسار غير مستدام قد يوجب أزمة مالية، وحكومة كارني تبدو كأنها تسير في الاتجاه المعاكس تماما".
إقرأ المزيد


