الجزيرة.نت - 11/13/2025 10:55:34 PM - GMT (+3 )
تواجه معاهدة حظر الانتشار النووي تهديداً وجودياً بالانهيار بسبب الغموض النووي الإسرائيلي وازدواجية المعايير الغربية تجاه إيران، في ظل قصف إسرائيل المواقع النووية الإيرانية رغم امتثال طهران للمعاهدة.
وفي السياق، حذرت الأستاذة السابقة في كلية الحرب الأميركية شريفة زهور في الجزء الثاني من برنامج "المنطقة الرمادية" من أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة بدعم أميركي على المواقع النووية الإيرانية توجه رسالة خطيرة للدول الأخرى الموقعة على المعاهدة.
وتساءلت الأكاديمية السابقة عن جدوى الامتثال للمعاهدة إذا كان لا يوفر حماية ضد العدوان، خاصة أن المعاهدة تم تمديدها إلى أجل غير مسمى عام 1995 بناءً على شرط عربي بأن يتم "التعامل مع البرنامج النووي الإسرائيلي" وهو شرط لم يُحترم أبداً.
وأكدت أن الدول العربية لم يعد لديها أي التزام أخلاقي أو قانوني بالبقاء داخل المعاهدة، لكنها لن تنسحب لأنها منخرطة في بناء مظلات أمنية بالتعاون الكامل مع الولايات المتحدة التي تتبع مصالحها الخاصة ومصالح إسرائيل.
وأضافت الأكاديمية الأميركية أن هذه الدول قد تسلك المسار الإيراني، حيث تتساءل طهران لماذا يجب عليها التعاون إذا كان يؤدي فقط إلى تدمير شامل تصفه الولايات المتحدة وإسرائيل بأنه ردع وليس هجوماً، وأشارت إلى أن هدف الإسرائيليين كان منع إيران من امتلاك أي برنامج نووي على الإطلاق، سواء كان سلمياً أو عسكرياً.
ولفتت إلى أن دولاً أخرى بدأت برامجها النووية الخاصة رداً على برامج إسرائيل أو إيران، مما يعقد المعادلة الأمنية الإقليمية ويدفع المنطقة نحو سباق تسلح نووي خطير.
سرية النووي الإسرائيليولفتت البروفيسورة الأميركية إلى أن سلوك إسرائيل تمثل في إبقاء برنامجها النووي سرياً من أجل أمنها القومي، حتى عن الولايات المتحدة. وأضافت أن إسرائيل لاحقت وعاقبت المبلغين عن المخالفات من جانبها، وأن برنامجها وصل إلى مستوى متقدم للغاية دون أي رقابة دولية حقيقية.
وفي سياق متصل حول رد إيران على العدوان الإسرائيلي، أوضحت الأكاديمية السابقة أن الموقف الإيراني الحالي يتلخص في أن طهران تعرضت للقصف على أي حال وتم تهديد النظام رغم تعاونه، لذا ستواصل بالطبع فعل ما خططت له لكن بسرية قدر الإمكان.
وأشارت إلى أن القضية الصعبة هي التأكد من مستوى تطور أي برنامج نووي إذا كانت مكوناته مخفية، كما كان الحال مع إيران قبل أن تكشف جماعة "مجاهدي خلق" عن تفاصيله، ورأت الأكاديمية الأميركية أن العالم بدلاً من السير في طريق نزع السلاح النووي سلك طريقاً مختلفاً تماماً.
وأوضحت أن نموذج الدمار المتبادل المؤكد كان يعمل عندما كان هناك طرفان فقط، لكن الآن توجد دول مختلفة قد تطور إحداها سلاحاً وتجربه لتهديد جارتها، كما رأينا كوريا الشمالية تفعل لتبعث رسالة للعالم بأنها وصلت إلى هذا المستوى.
وحسب البروفيسورة الأميركية فإن القوة النووية غير قابلة للاستخدام الفعلي، بل استخدامها الحقيقي هو التهديد والردع.
ولفتت إلى أن دولاً مختلفة تطور مع شركة روساتوم الروسية محطات نووية يفترض أن تكون للاستخدام السلمي لكنها ستُستخدم بلا شك للدفاع في مرحلة ما، وأشارت إلى أن باكستان طورت قدرتها النووية في السر لأنها لم تكن قادرة على فعل ذلك بطريقة أخرى.
التوازنات الدوليةوعلى صعيد التوازنات الدولية في المنطقة، كشفت الأكاديمية الأميركية أن روسيا والصين تبنيان نفوذهما في الشرق الأوسط بهدوء من خلال العلاقات الثنائية وصفقات البنية التحتية والطاقة والأسلحة.
ونفت وجود جناح صيني روسي حقيقي في المنطقة، موضحة أن لروسيا وإسرائيل علاقات سياسية طويلة الأمد، وأن موسكو ربما كان لها صوت في اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة بأن الكيل قد طفح.
وأوضحت الأكاديمية الأميركية أن روسيا ليست قوية كما كانت في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، في وقت تتجه الصين أكثر نحو أفريقيا، وأضافت أن كلتيهما فقدت عناصر قوة مهمة، خاصة مع غياب الأحزاب الشيوعية القوية بالشرق الأوسط.
وحول إمكانية بروز عقيدة أمنية غير منحازة في المنطقة، أكدت البروفيسورة أن الدول العربية ما زالت مقيدة برعاية القوى العظمى، وأضافت أن الولايات المتحدة تريدها أن تبقى في هذا الوضع لأنه أكثر فائدة لها من عودة حركة عدم الانحياز.
وعلى المستوى الشخصي، كشفت البروفيسورة زهور تفاصيل صادمة عن محاولة منعها من العمل في كلية الحرب بالجيش الأميركي بسبب مواقفها من فلسطين.
صدام حول الموقف من فلسطينوأوضحت البروفيسورة أنها تلقت مكالمة تخبرها بأن قائد الكلية وجد اسمها على أكثر من عريضة واحدة من أجل فلسطين، وأنهم سيسحبون عرض التوظيف منها لكنها اتصلت بمحامٍ هدد بمقاضاتهم فتم تعيينها في النهاية.
وأضافت الأكاديمية الأميركية أنه منذ اليوم الأول تصادمت مع الإدارة حول كل شيء يتعلق بفلسطين، وكشفت أن المعهد احتفظ بحق مراجعة كل ما تنشره حتى لو بدأته قبل عامين، وأن الكثير من مشاريعها أثارت غضب الإدارة.
وأشارت إلى أنها بقيت لسنوات رغم الصراعات المستمرة، لكن بعد تولي الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما منصبه ألغيت خطوط التمويل لمنصبها، وأوضحت أن العالم الإسلامي وفلسطين كانا قضيتين شائكتين أدتا لإنهاء عملها.
وحول تجربتها في تدريس الضباط العسكريين، أوضحت البروفيسورة الأميركية أنها كانت مسؤولة بشكل غير رسمي عن مجموعة من الضباط العرب في كلية الحرب.
ولفتت إلى وجود اختلافات هائلة بين الطلاب الأجانب والأميركيين، حيث إن الأخيرين غير متعلمين بشكل مؤسس في تاريخ العالم، في وقت يعاني الضباط الأجانب من صعوبة في جعل رؤيتهم للعالم مفهومة.
وفي ختام الحوار، وجهت البروفيسورة زهور نصيحة لشعوب الشرق الأوسط بأن يفكروا في مستقبل أطفالهم وأحفادهم أولاً، وأن يفهموا كيف يخدم كسب ود القوى العظمى مستقبلهم الخاص.
وشددت على أهمية البحث عن المعلومات وسؤال أنفسهم دائماً "لمن المصلحة؟" وختمت بالتأكيد على ضرورة امتلاك الروايات الخاصة بدلاً من الخضوع لنصوص القوى العظمى.
Published On 13/11/2025
|آخر تحديث: 22:40 (توقيت مكة)
شارِكْ
إقرأ المزيد


