مختبر أميركي يكشف أسباب تراجع حماس الصحفيين لمنصات التواصل
الجزيرة.نت -

Published On 8/11/2025

|

آخر تحديث: 16:19 (توقيت مكة)

شارِكْ

كشف تحليل استمر 11 عاما لمختبر نيمان للصحافة، عن أن الصحفيين أصبحوا أقل حماسا تجاه منصات التواصل الاجتماعي، بسبب المعلومات المضللة والانتقادات اللاذعة التي تهدد ثقة الجمهور في الصحافة وتشجع العداء للصحفيين.

وخلص المختبر إلى أن عيوب منصات التواصل باتت واضحة بشكل كبير بالنسبة لناشري الأخبار والجمهور، وبات الصحفيون يرونها بمثابة تحدّ لاستقرار الصحافة ومصداقيتها بين الجمهور، في حين تتضاءل الفوائد التي يمكن أن تُجنى من هذه المواقع، فمنصتا إكس وفيسبوك لم تعد أي منهما توجه جمهورا كبيرا إلى الأخبار، بينما تيك توك لم تفعل ذلك أبدا.

وأمام تراجع الفرص في منصات التواصل الاجتماعي، تضاعفت جهود المؤسسات الإخبارية بالبحث عن سبل أخرى لتعزيز حركة المرور على الإنترنت، وتنمية علاقات مع الجماهير المحتملة، مثل الاستثمار في النشرات الإخبارية.

وسعى الباحثون المشاركون في التحليل -وهم مزيج من الناشرين والمحررين والممولين ومقدمي الخدمات- إلى دراسة التوقعات السنوية لمختبر نيمان التابع لجامعة هارفارد على مدى 11 عاما، من أجل الوقوف على تغيرات آراء واضعي هذه التوقعات بشأن منصات التواصل الاجتماعي وجمهورها.

التوقعات الأولية تفاءلت بأن تلعب منصات وسائل التواصل الاجتماعي دورا أساسيا في العلاقة بين الصحافة والجمهور في العصر الرقمي (شترستوك)
وعود وسائل التواصل الاجتماعي للصحافة قبل 13 عاما

ويقول الكاتبان في ليمان لاب، جاكوب نيلسون وجريجوري بيرو، إن معدّي التوقعات وضعوا ثقة كبيرة في بادئ الأمر بدور مواقع التواصل الاجتماعي في مساعدة الصحفيين على تحقيق الدخل والتفاعل مع الجماهير.

فعلى سبيل المثال، تصف توقعات عام 2012 تفاؤلهم المبكر بيوتيوب وتويتر (إكس حاليا) حيث كتبوا آنذاك: "ما نحتاجه هو غرف أخبار يمكنها تصفية محتوى وسائل التواصل الاجتماعي والتحقق منه وتنظيمه وتقديمه لجمهورها".

إعلان

وأشار توقع نُشر عام 2015 إلى أن العام الذي يليه سيكون بداية للتعامل مع كل منصة على أنها منصة نشر، لها جمهورها الفريد، وجدولها الزمني وأشكال النشر الخاصة بها، ومقاييسها الفريدة للنجاح.

معدّو التوقعات وضعوا ثقة كبيرة في بادئ الأمر بدور مواقع التواصل الاجتماعي في مساعدة الصحفيين على تحقيق الدخل والتفاعل مع الجماهير (شترستوك)

أما توقع عام 2017 فأشار إلى أن المؤسسات الإخبارية ستستخدم منصات التواصل الاجتماعي لتحديد المحتوى الذي ينشره المستخدمون باعتباره قصصا "رائجة" يجب على الصحفيين تغطيتها لاحقا.

وجاء في هذا التوقع أن "الصحفيين لن يأخذوا هذه الطريقة الجديدة في جمع الأخبار على محمل الجد فحسب، بل سيضعون إستراتيجيات ويشكلون فرقا لإشراك المحتوى الذي يصنعه المستخدمون في عملياتهم أكثر من أي وقت مضى".

ويلفت الكاتبان إلى أن التوقعات الأولية السابقة تعكس شعورا بالتفاؤل بشأن منصات وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن توجه ضمني ومتحمس على الأغلب، بأن هذه المنصات ستلعب دورا أساسيا في العلاقة بين الصحافة والجمهور في العصر الرقمي.

الصحفيون باتوا يرون وسائل التواصل الاجتماعي بمثابة تحدّ لاستقرار الصحافة ومصداقيتها بين الجمهور، في حين تتضاءل الفوائد التي يمكن أن تُجنى منها.

بواسطة نيمان لاب

توقعات مختلفة في الأعوام الأخيرة

وبينما كانت التوقعات المبكرة تميل إلى اعتبار أن منصات التواصل الاجتماعي ستبقى موجودة، مع التركيز على الطرق التي قد يفكر الصحفيون في استخدامها لتحسين جودة وتأثير عملهم، بدأ هذا الافتراض يصبح مع مرور الوقت سؤالا مفتوحا.

ففي بعض التوقعات لعام 2023، اقتُرح صراحة أن الصحفيين قد يفكرون في تجاوز منصات التواصل الاجتماعي تماما، وجاءت هذه التوقعات في أعقاب استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك على تويتر في العام الذي سبقه.

وانتقد ماسك بانتظام وسائل الإعلام التقليدية، في محاولة لإقناع الناس بالاعتماد على منصة إكس التي أعاد برمجتها لتشجيع هيمنة الأصوات المحافظة واليمينية المتطرفة، وفق تقديرات مؤسسات صحفية.

ومنذ استحواذه على إكس كتب ماسك الذي يتابع حسابه 227 مليون شخص 1017 منشورا هاجم فيها الصحافة، بمعدل 3 مرات تقريبا في كل يوم من سبتمبر/أيلول 2024 وحتى سبتمبر/أيلول الماضي، وراوحت هجماته بين الإهانات ونزع الشرعية عن وسائل الإعلام الإخبارية المهنية، وفق تحليل لمنظمة مراسلون بلا حدود.

حماس المجتمع الصحفي لمنصات التواصل الاجتماعي تضاءل مع مرور الوقت، لكنه لم يحدث أي تغيير إزاء مستخدمي هذه المنصات (شترستوك)

وافترضت التوقعات لعام 2024 أن "صناعة الأخبار ستضطر إلى مواجهة واقع بناء جمهور في عالم ما بعد وسائل التواصل الاجتماعي".

وفي حين تعكس التوقعات السابقة أن حماس المجتمع الصحفي لمنصات التواصل الاجتماعي قد تضاءل مع مرور الوقت، لم يحدث أي تغيير في تصورات مستخدمي هذه المنصات، أي الجمهور.

وعلى الرغم من أن ما وصفاه جاكوب نيلسون وجريجوري بيرو بالازدراء المتزايد لهذه المنصات، ينبع إلى حد كبير من المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون من قِبل الجمهور، فإن تصورات المجتمع الصحفي عن هذا الجمهور لا تزال إيجابية.

إعلان

وتشير هذه النتائج إلى أن ثقة الصحفيين في الأشخاص الذين يسعون للوصول إليهم بأخبارهم قوية للغاية، وهو أمر منطقي -وفق الكاتبين- بالنظر إلى أن أولئك العاملين في الصحافة يطمحون إلى خدمة الصالح العام.



إقرأ المزيد