الجزيرة.نت - 11/8/2025 2:49:23 PM - GMT (+3 )
Published On 8/11/2025
|آخر تحديث: 14:47 (توقيت مكة)
شارِكْ
استعرض حوار أجرته صحيفة نيويورك تايمز بين محللين سياسيين بارزين، وهم فرانك بروني، وسارة أندرسون، ونَيت سيلفر، ملامح المشهد السياسي الأميركي بعد الانتخابات الأخيرة في مدينة نيويورك وولايتي نيوجيرسي وفرجينيا مع تركيز خاص على مكانة الرئيس دونالد ترامب داخل الحزب الجمهوري.
كما تطرق الحوار إلى الجدل الدائر داخل بين التيار التقدمي بزعامة شخصيات جديدة، مثل عمدة نيويورك الجديد ، والتيار الوسطي الممثل بشخصيات، مثل أبيغيل سبانبرغر وميكي شيريل اللتين فازتا بمنصبي حاكمتي ولايتي فيرجينيا ونيوجيرسي في الانتخابات الأخيرة لحكام الولايات الأميركية.
ويبدأ النقاش بتعليق ساخر من بروني عن محاولة بعض السياسيين الجمهوريين تقليد ترامب في سلوكه الشعبوي، مثل ظهورهم في مطاعم الوجبات السريعة لاستمالة الناخبين العاديين.
ترامب لا يُقلدترى سارة أندرسون أن هذه المحاولات لا تنجح لأن "ترامب لا يُقلَّد"، فهو يتمتع بقدرة فريدة على مخاطبة الغرائز الثقافية والسياسية للناخبين البيض من الطبقة العاملة.
ومع ذلك أشارت أندرسون إلى أن جوهر نجاحه لا يكمن في الاستعراض الشعبوي بقدر ما يكمن في الوعد الذي يقدّمه للناخبين بأنهم سيتمكنون من العيش بأمان وبأسعار معقولة، وهو ما يجب أن يكون محور خطاب أي سياسي يسعى إلى الفوز بثقتهم.
ثم ينتقل بروني للحديث عن نتائج الانتخابات في نيويورك، حيث فاز ممداني بمنصب عمدة المدينة، ليصبح أول مسلم وأصغر شخص يتولى هذا المنصب منذ أكثر من قرن.
ويطرح بروني سؤالا عن النموذج الذي يجب أن يتبناه الحزب الديمقراطي على المستوى الاتحادي: هل هو النموذج التقدمي الذي يمثله ممداني، أم النموذج الوسطي الذي تجسده شخصيات معتدلة مثل سبانبرغر وشيريل؟.
نيت سيلفر: ممداني استطاع التغلب على تحيزات واسعة في مدينة متنوّعة سياسيا وعرقيا، رغم أن أجزاء منها اتجهت نحو ترامب في انتخابات 2024الشعبوية الجذابة
ترد أندرسون بأن الجمهوريين يسخرون من صعود ممداني ويتوقعون أن يؤدي تبني نهجه إلى تراجع الديمقراطيين، لكنها تحذر من التقليل من شأنه، فهو يمتلك قدرة خطابية لافتة، ويتقن ما تسميه "الشعبوية الجذابة" التي تجمع بين الكاريزما والتواصل المباشر بالناس.
إعلان
وترى أن الناخبين، خاصة أولئك الذين حاول ترامب كسبهم، صاروا أكثر استعدادا لتجاهل مواقف سياسية متطرفة إذا شعروا أن المرشح قادر على تحقيق نتائج ملموسة.
ويضيف نَيت سيلفر أنه معجب بمهارات ممداني السياسية، إذ استطاع التغلب على تحيزات واسعة في مدينة متنوّعة سياسيا وعرقيا، رغم أن أجزاء منها اتجهت نحو ترامب في انتخابات 2024.
ويشير سيلفر إلى أن استطلاعات الرأي أظهرت أن كثيرا من الأميركيين لا يزالون مترددين في انتخاب مرشحين مسلمين، ما يجعل فوز ممداني إنجازا بارزا. لكنه يلفت أيضا إلى أن حملة الحاكم السابق أندرو كومو كانت ضعيفة جدا وساعدت على صعود ممداني.
ويرى سيلفر أن البيانات التجريبية تشير بوضوح إلى أن المرشحين الوسطيين يحققون نتائج انتخابية أفضل في العموم، طالما كانت الظروف متكافئة.
عكس كامالا هاريسويضيف أن وجود جناح تقدمي داخل الحزب ليس بالضرورة أمرا سلبيا، بشرط أن يكون ممثلا بوجوه ذكية وشابة مثل ممداني، القادر على التفاعل مع الرأي العام وتعديل مواقفه السابقة بصراحة، على عكس ما فعلت المرشحة الرئاسية السابقة كامالا هاريس التي واجهت صعوبة في إقناع الناخبين بصدق تحولاتها السياسية.
أما بروني، فيرى أن الديمقراطيين لن يتبنوا نموذج ممداني بالكامل، لكنهم سيدركون أهمية الطاقة والحيوية التي يمثلها، والحاجة إلى مرشحين يتمتعون بالكاريزما والحضور الإعلامي القوي، خاصة في زمن تحكمه وسائل التواصل الاجتماعي.
ويحذر من أن الحزب الديمقراطي، رغم نجاحاته الأخيرة، قد يخرج باستنتاجات خاطئة تؤدي إلى أخطاء إستراتيجية، مشيرا إلى سلسلة من القرارات الكارثية التي اتخذها الديمقراطيون في السنوات الماضية بسبب سوء قراءة النتائج الانتخابية.
خطر الإفراط في الثقةويوافقه سيلفر على أن هناك خطرا من الإفراط في الثقة، كما حدث بعد انتخابات منتصف الولاية عام 2022 عندما حقق الديمقراطيون نتائج أفضل من المتوقع، فاعتقدوا أن أداء الرئيس السابق جو بايدن كان كافيا للاستمرار بولاية ثانية، مما أوقف النقاش عن تجديد القيادة.
ويؤكد أنه يفضل خوض انتخابات تمهيدية تنافسية داخل الحزب لأن الناخبين الديمقراطيين، خلافا للانطباع السائد، يتصرفون بعقلانية نسبية ويفكرون في "قابلية الانتخاب" بقدر ما يفكرون في القضايا الأيديولوجية.
وترى أندرسون أن القاعدة الديمقراطية، رغم ميلها إلى اليسار مقارنة بالناخب الوسطي، فإنها لا تزال أكثر انضباطا من القاعدة الجمهورية التي سمحت بصعود مرشحين متشددين خلال ما تسمى بحقبة "حزب الشاي"، مما أضاع فرصا انتخابية كثيرة.
الحزبان في اختبار صعبوتضيف أن أكثر الناخبين مشاركة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي هم أنفسهم الذين دعموا جو بايدن عام 2020، أي أنهم لا يزالون يميلون إلى البراغماتية وليس إلى التطرف الأيديولوجي.
ويخلص الحوار إلى أن الحزبين الأميركيين يواجهان اختبارا صعبا: الجمهوريون يبحثون عن بديل يضاهي ترامب في تأثيره الشعبي دون أن يكرر فوضاه السياسية، بينما يحاول الديمقراطيون الموازنة بين جاذبية الوجوه الجديدة من الجناح التقدمي وبين متطلبات الواقعية الانتخابية.
إعلان
وفي ظل ذلك، يبدو أن الديمقراطية الأميركية تدخل مرحلة إعادة تعريف لخطابها وشخصياتها القيادية، في زمن تتغير فيه قواعد التواصل السياسي والاصطفاف الاجتماعي بسرعة غير مسبوقة.
إقرأ المزيد


