سليمان الفصام... خلاصة المسيرة في «رحلة العطاء مع قافلة الدبلوماسية»
جريدة الراي -


- الحياة القاسية التي كابدها الآباء والأجداد... انعكست إيجاباً على تربية الأبناء
- الفصام تطرّق إلى شجرة العائلة... وبعض جذورها في «الدرعية»
- التحق بالعمل السياسي عام 1963... وفي جدة كانت أولى محطاته الدبلوماسية
- في دلهي... بدأت المرحلة المهمة في حياته الدبلوماسية

إذا كان مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، فإن رحلة العطاء مع الدبلوماسي المخضرم سليمان سالم الفصام، اجتازت كل خطوات التحدي والنجاح...

هذا ما اتضح جلياً في كتابه الجديد «40 عاماً... رحلة مع قافلة الدبلوماسية»، الذي أصدره بالتزامن مع احتفالية «الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025»، متضمناً خلاصة تجربته الذاتية وعمله المميز في السلك الدبلوماسي على مدى أكثر من 40 عاماً، كما وثّق في صفحاته أحداثاً لم تُروَ في التأريخ الكويتي.

منذ يومين

23 نوفمبر 2025

وأهدى الفصام، كتابه إلى حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد، وولي عهده الأمين الشيخ صباح الخالد، «حفظهما الله ورعاهما»، وإلى تلك الأرواح النقيّة من حكام الكويت، التي غادرت دنيانا ولم تغادر قلوب وأذهان الكويتيين، كما أهدى كتابه إلى روح والدته ووالده وزوجته، «رحمهم الله».

يبرز الكتاب أهمية العمل في السلك الدبلوماسي، وما يحتاج إليه من جد ومثابرة ومواصلة المتابعة للأحداث السياسية، وقدرة فائقة على استقراء معطياتها وتحليلها تحليلاً عميقاً وواعياً. كما يشير إلى أهمية الحرص على اكتساب الخبرات المتجددة وبناء جسور التعاون مع الأطراف كافة، وتأسيس الصداقات المتينة، خصوصاً مع دبلوماسيي الدول التي تربطها علاقات مع الكويت. كما يبرز المصاعب التي يواجهها الدبلوماسي في مسيرة حياته العملية.

ويحرص الكاتب على توضيح المفهوم الصحيح للدبلوماسية والإطار الذي تحركت فيه الدبلوماسية الكويتية فحققت نجاحاتها الباهرة التي يشهد بها المجتمع الدولي.

«باب الوفاء»

ومن باب الوفاء، لقائد العمل الإنساني الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، «طيّب الله ثراه»، قدّم الفصام رسائل الشكر والتقدير لـ «أبو ناصر»، واصفاً إياه برجل المواقف ومثال الشهامة ورجاحة الفكر، والأستاذ والمعلم والنوخذة في بحور الدبلوماسية، مذ كان وزيراً للخارجية، وحتى توليه مقاليد الحكم.

ويقول الفصام، في مقدمة الكتّاب إن العمل في السلك الدبلوماسي مهم ومفيد، ولكنه يحتاج إلى الجد والمثابرة، مستعرضاً سيرة الآباء والأجداد، والحياة القاسية التي كابدوها، ما خلقَ منهم رجالاً تحمّلوا شظف العيش، لينعكس ذلك على تربيتهم لأبنائهم.

«المساعرة»

وتطرّق إلى شجرة عائلة الفصام، التي قال إنها تنتمي إلى قبيلة الدواسر في جنوب غربي شبه الجزيرة العربية، وتتحدر من أحد البطون المعروفة «المساعرة»، موضحاً أن بعض أفراد العائلة استقرّ في مدينة الدرعية، التي شهدت العديد من المعارك، وفي إحداها قتل «علي الفصام» خلال العام 1768 وفقاً لكتاب «تاريخ الجزيرة العربية» للمؤلف حسين خلف الشيخ خزعل.

«هجرة الفصام»

كما أضاء على هجرة عبدالرحمن سليمان الفصام، من الدرعية إلى الكويت في العام نفسه 1768، ومن ذريته ابنه تركي، الذي أنجب ثلاثة أولاد، هم: سليمان ومحمد وعبدالله، وبدورهم أنجبوا الذرية لأسرة الفصام، لافتاً إلى أن جده سليمان كان مهتماً وحريصاً على تعليم أبنائه عند الكتاتيب أو «المطوّع» نظراً لعدم وجود نظام تعليمي في الكويت، حتى افتُتحت المدرسة المباركية في العام 1911، وكان والده سالم ضمن الدفعة الأولى من الدارسين فيها، بحسب ما نُشر في كتاب صدر عن وزارة التربية والتعليم بمناسبة اليوبيل الذهبي للمدرسة.

«الصفات الحسنة»

وذكر الفصام، أنه من مواليد شرق، العام 1938، واستهل دراسته عند الكتاتيب «الملا محمد» قبل أن ينتقل إلى المدرسة الشرقية «الأميرية» عام 1946، مبيناً أن والده علّمه الكثير من الصفات الحسنة، وبدوره ورّث هذه الصفات لأبنائه وبناته، طلال ووائل ونورة ومي وناصر، من زوجته المرحومة شيخة الصانع.

«العمل السياسي»

وأشار إلى أنه التحق بالعمل السياسي في وزارة الخارجية عام 1963، إذ تم تعيينه آنذاك في قسم المحاسبة، مشيداً بمناقب وكيل وزارة الخارجية في ذلك الزمن عبدالرحمن العتيقي، وروحه الأبوية مع الشباب المقبلين على العمل في السلك الدبلوماسي.

وأوضح أنه في نهاية العام 1963 تم إرساله مع مجموعة من الشباب إلى دلهي، ضمن خطة الوزارة لتأهيل الدبلوماسيين الجدد، واصفاً تلك المرحلة بالمهمة في حياته الدبلوماسية.

«المحطة الأولى»

ودوّن الفصام، في كتابة أولى محطاته الدبلوماسية، والتي كانت في مدينة جدة، خلال العام 1965، مشيراً إلى مواكبته حكم الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود «طيب الله ثراه»، لينتقل من بعدها إلى العمل الدبلوماسي في العاصمة الأميركية واشنطن، والتي تعد المحطة الثانية في مشواره.

وبعد 7 سنوات قضاها في واشنطن، التحق للعمل في دولة الإمارات خلال العام 1974، وتم تعيينه أول قنصل عام في دبي، والإمارات الشمالية، حيث التقى وقتذاك نائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي الشيخ راشد بن سعيد المكتوم، بحضور سفير دولة الكويت في الإمارات سليمان ماجد الشاهين.

«اليمن الجنوبي»

وأشار الفصام، إلى أنه في العام 1982 غادر مدينة دبي، قبل صدور مرسوم أميري بتعيينه سفيراً لدولة الكويت لدى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية «عدن» (اليمن الجنوبي) خلال العام 1985، وكانت تلك المحطة الرابعة في مسيرته الدبلوماسية، ليواكب الحرب التي دارت رحاها بين جناحي الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم، مبيناً دور الكويت ومحاولاتها لنزع فتيل الأزمة.

«السياسة الأردنية»

وذكر أنه بعد انتهاء فترة عمله الدبلوماسي في اليمن الجنوبي، تقرر نقله سفيراً لدولة الكويت لدى المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك في العام 1988.

ويصف الفصام، بأسلوبه الفذ أجواء العاصمة عمّان، في دفئها وبردها، والدور المحوري الذي تلعبه المملكة في السياسة العربية والعالمية.

كما تطرق بإسهاب إلى الفترة التي سبقت الغزو العراقي الغاشم للكويت، موضحاً أنه في ذلك الوقت كان في إجازة مع العائلة في ولاية فلوريدا، وبأنه تلقى اتصالاً من مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك محمد أبو الحسن، طالباً منه العودة إلى عمّان بتوجيهات من وزير الخارجية آنذاك الشيخ صباح الأحمد.

«الرجال المخلصين»

ولم يغفل الفصام، من وصفهم بـ«مجموعة الرجال المخلصين» في الأردن، الذين وقفوا مع الكويت وأدّوا أعمالاً جليلة خلال الغزو العراقي الغاشم.

«الانتقال إلى وزارة الخارجية»

وذكر أنه بعد تحرير الكويت، عاد إلى العمل في وزارة الخارجية داخل الكويت، ليصدر قرار بتعيينه في وقت لاحق مديراً لإدارة الوطن العربي (الذي أصبح الآن يُسمى مساعد الوزير لشؤون الوطن العربي)، لافتاً إلى أن طبيعة العمل في هذه الإدارة العناية بالشؤون العربية والمشكلات العربية. وبيّن أن نظام العمل في الإدارة مقسّم إلى ثلاثة أقسام، واحد يتعلق بشؤون الدول العربية في آسيا، وآخر يتعلق بالدول العربية في أفريقيا، فيما الثالث قسم جامعة الدول العربية.

وأضاف أن من مهام الإدارة كذلك، متابعة اللجان المشتركة بين الكويت والدول العربية، كما تتعاون إدارة الوطن العربي مع إدارة مجلس التعاون الخليجي للتحضير لاجتماعات جامعة الدول العربية.

«مشاركات»

لفت الفصام إلى مشاركته في أكثر من 20 دورة عادية لجامعة الدول العربية، من الدورة 9 إلى الدورة 18 على مستوى وزراء الخارجية - المجلس الوزاري، وترأس وفد الكويت في اجتماعات كبار المسؤولين ولجنة الصياغة التي تُعد البيان الختامي للقمة العربية.كما أشار إلى مشاركته في عدد من الدورات الاستثنائية التي كانت تعقد بناء على طلب إحدى الدول العربية لظروف طارئة واستثنائية، إضافة إلى مشاركته في عدد من اجتماعات دول إعلان دمشق الذي يضم في عضويته دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مصر وسوريا.وشارك أيضاً ضمن وفد دولة الكويت إلى مؤتمر القمة العربي غير العادي الذي عقد في القاهرة في يونيو 1996، وترأس وفد الكويت في اجتماعات كبار المسؤولين ولجنة الصياغة التي تعد البيان الختامي للقمة، إلى جانب مشاركته في اجتماعات القمة العربية العادية - الدورة 13 - التي عقدت في عمان (الأردن) في مارس العام 2000، لافتاً إلى أنه ترأس وفد الكويت في اجتماعات كبار المسؤولين التي سبقت اجتماعات وزراء الخارجية والقمة لإعداد البيان الختامي.وأشار أيضاً إلى مشاركته ضمن وفد الكويت إلى مؤتمر القمة غير العادي الذي عُقد في القاهرة في أكتوبر العام 2000، وترأس وفد الكويت في اجتماعات كبار المسؤولين التي سبقت القمة لإعداد البيان الختامي، إضافة إلى مشاركته في اجتماعات القمة العربية العادية - الدورة 14، التي عقدت في بيروت في مارس العام 2001، وترأس وفد الكويت في اجتماعات كبار المسؤولين التي سبقت اجتماعات وزراء الخارجية والقمة للتحضير وإعداد البيان الختامي.

«لا أحزاب»

أكد الفصام، في كتابه أنه لم ينتسب في حياته إلى أي حزب سياسي أو ديني أو أي تيار آخر، بل كان مستقل التفكير أثناء الدراسة وما بعدها، وما زال إلى اليوم.

«جيل الخُطَب»

ذكر الفصام، أن جيله كان مخدوعاً بما وصفه بجيل الخُطب الرنانة والشعارات الخادعة والثورات والانقلابات والحماس الذي لم يصل إلى نتائج إيجابية.

«شمس من الحرية والكرامة»

أشار الفصام في كتابه إلى تشكل مجلس التعاون لدول الخليج العربي في الثمانينات، معتبراً أن «هذا كان بادرة أمل، والحقيقة كأن شمساً من الحرية وشمساً من الكرامة والعزة أشرقت على العالم العربي بتشكيل هذا المجلس».

ورأى أن المجلس هو الاتحاد العربي الوحيد في هذا التاريخ الحديث الذي استمر لأكثر من 40 عاماً مواجهاً كل التحديات العالمية والعداوات الخفية التي تحاول تفكيك هذا التجمع العربي الخليجي الناجح.



إقرأ المزيد