بالفيديو.. السفير الفرنسي: الشراكة الصحية بين فرنسا والكويت متميزة
جريدة الأنباء الكويتية -
  • آمنة خميس: الذكاء الاصطناعي قادر على تحديد علاج أكثر ملاءمة لكل مريض بحسب حالته البيولوجية
  • سليمان المزيدي: إجراء العمليات بالروبوت يقلل من مخاطر السفر على المرضى
  • جان فرانسوا بول: حجم البيانات الطبية يتصاعد بشكل هائل والذكاء الاصطناعي يقلل من صعوبة تفسيرها
  • فواز الزيد: الذكاء الاصطناعي بات يشكل محوراً أساسياً في مستقبل الرعاية الصحية
  • فيصل الرفاعي: ملتزمون بتطوير الرعاية الصحية من خلال الابتكار والشراكات الدولية وربط الأبحاث المتقدمة بالاحتياجات الطبية الفعلية


دارين العلي

نظم معهد دسمان للسكري بالتعاون سفارة فرنسا في الكويت، جلسة نقاشية تناولت الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية تحت عنوان «عناية أذكى»، خصصت للحديث عن تأثير الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي بحضور السفير الفرنسي أوليفييه غوفان، وقياديي المعهد وذلك بمناسبة اليوم العالمي للسكري.

وحضر اللقاء نخبة من الأطباء والباحثين في القطاع الصحي والعاملين في مجال الذكاء الاصطناعي لتسليط الضوء على الذكاء الاصطناعي في مجالات البحث والوقاية والممارسة الطبية.

وكان للسفير الفرنسي أوليفييه غوفان كلمة في افتتاح الجلسة تحدث فيها عن الشراكة الصحية المتميزة بين فرنسا والكويت، والتي تتجلى بشكل خاص في استقبال عدد كبير من المرضى الكويتيين في فرنسا، الذين يضعون ثقتهم في المؤسسات الطبية الفرنسية المختلفة.

ولفت إلى مكانة فرنسا كمركز تكنولوجي ومركز للذكاء الاصطناعي في أوروبا، وكدولة مؤثرة عالميا في تنظيم الذكاء الاصطناعي الموجه لخدمة الإنسان.

وأشار إلى «قمة العمل بشأن الذكاء الاصطناعي» التي عقدت في باريس من 6 إلى 11 فبراير 2026، بمشاركة وفد كويتي برئاسة الوزير عمر العلي، وزير الاتصالات، بمرافقة ممثلين من القطاع الخاص.

وتحدث عن سلسلة المؤتمرات حول الذكاء الاصطناعي، التي تنظمها السفارة الفرنسية في الكويت، والتي تهدف إلى إثراء النقاش حول دور الذكاء الاصطناعي في مجتمعي البلدين، في خدمة التقدم الاقتصادي والتنمية والأجيال القادمة، حيث تناولت تأثير الذكاء الاصطناعي في المجالات الاقتصادية والقانونية وأمن المعلومات.

وأوضح أن فرنسا تضع نفسها كشريك علمي موثوق، مدعومة بمنظومة ابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي والصحة والصحة الرقمية سواء من مستشفيات، أو جامعات، أو شركات ناشئة، وشركات التقنية الحيوية.

وأعرب عن سعادته بأن تشارك النخب الطبية والعلمية الكويتية البارزة والموهوبة في هذا المسار من التعاون في خدمة الابتكار الطبي، مستذكرا عملية استئصال البروستاتا الجذرية باستخدام الروبوت الجراحي MEDBOT، التي أجراها د.سعد الدوسري، والتي نفذت عن بعد من ستراسبورغ في فرنسا، على بعد نحو 5 آلاف كيلومتر، وعرضت كنموذج أمام المجتمع الطبي الدولي خلال مؤتمر الجمعية العالمية للجراحة الروبوتية في ستراسبورغ في يوليو 2025، بحضور أكثر من 2500 جراح وخبير دولي.

وأشار إلى عملية الجراحة عن بعد التي أجريت من الكويت على يد د.سليمان المزيدي، لمريض في البرازيل على بعد 12 ألف كيلومتر، وسجلت في موسوعة غينيس، وتشكل محطة حاسمة للطب المتصل على المستوى العالمي.

ولفت إلى أهمية هذا الحدث، المرتبط باليوم العالمي للسكري، في معهد دسمان للسكري، الصرح البارز في أبحاث السكري بالكويت، والشريك الأساسي في التعاون الصحي بين البلدين.

وفي تصريح له على هامش اللقاء، قال إن الحدث يمثل فرصة مهمة لتعزيز التعاون بين البلدين في مجال الذكاء الاصطناعي الصحي، والهدف منه هو إيجاد مساحة أكبر للتعاون والتنسيق بين فرنسا والكويت في هذا الموضوع تحديدا، ولتحقيق ذلك، حرصنا على حضور مجموعة من الباحثين والخبراء من فرنسا، إلى جانب خبراء من الكويت، حتى يتمكن الطرفان من مناقشة أفضل السبل لتبادل الخبرات والتجارب من خلال جلسات متعددة، بما قد يسمح مستقبلا بتطوير حلول جديدة في القطاع الصحي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

وأعرب عن أمله في بناء مزيد من الشراكات والتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي الصحي بين البلدين، وهو مجال يشهد نموا سريعا ويعد من ركائز تطوير القطاع الصحي في المستقبل.

وفي كلمة لمدير عام المعهد بالإنابة فيصل الرفاعي عبر عن تقديره للتعاون بين معهد دسمان للسكري وسفارة فرنسا في الكويت، مؤكدا التزام المعهد بتطوير الرعاية الصحية من خلال الابتكار والشراكات الدولية.

وسلط الضوء على الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في تحويل أبحاث السكري ورعاية المرضى وبرامج الصحة العامة، لافتا إلى أن المعهد يعمل على ربط الأبحاث المتقدمة بالاحتياجات الطبية الفعلية، مشيرا إلى الشراكة مع قادة عالميين مثل فرنسا تفتح آفاقا جديدة للتعاون متعدد التخصصات، بما يضمن للكويت مكانة متقدمة في الابتكار الصحي.

وقال إن دمج الذكاء الاصطناعي في الممارسة الطبية لا يمثل مجرد تطور تقني، بل فرصة كبيرة لتحسين حياة المرضى، خصوصا المصابين بالسكري، مؤكدا رؤية المعهد «أن يكون المرجع الأول للسكري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن يحظى باعتراف دولي».

وفي السياق نفسه، نقل مدير العلاقات العامة والإعلام في المعهد طارق العريان تحياته للحضور، معلنا انطلاق الحلقة النقاشية التي تحظى باهتمام كبير في الأوساط الطبية والعلمية.

أمراض الكبد

وكان للأستاذة في «المعهد الأوروبي لجينوم السكري (EGID)» - جامعة ليل د.آمنة خميس محاضرة ركزت فيها على أبحاثها الخاصة بمرض السكري والتي تمزج بين بيولوجيا الأنظمة والذكاء الاصطناعي لفهم مرض السكري من النوع الثاني ومضاعفاته وتحديد علاجاته بشكل أفضل.

وتحدثت عن أهمية إدخال الذكاء الاصطناعي الطبي، في أبحاث التشخيص والعلاج، مؤكدة أن هذا التخصص يشهد طفرة واسعة خلال السنوات الأخيرة. وأوضحت أن السنوات الماضية شهدت «انفجارا في فهم واستخدام الذكاء الاصطناعي»، وأنه بات جزءا من الحياة اليومية للناس، ما دفع الباحثين إلى التساؤل عن كيفية الاستفادة من النهج نفسه في الطب والصحة، بحيث نحصل على تنبؤات أدق، وفهما أعمق للأمراض، بطرق مكملة لما لدينا اليوم.

ولفتت إلى أنها بدأت خلال العام الأخير في دراسة كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في الطب، ومن خلال تعاونات متعددة في جامعة ليل، استطاعت وفريقها إدخال هذه التقنيات فعليا في الأبحاث الجارية.

الطب الدقيق

ولفتت إلى أنها تركز في حديثها على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي خلال العامين الماضيين في تطوير الطب الدقيق (Precision Medicine)، مضيفة: «لدينا اليوم مرضى سكري من النوع الأول وآخرون من النوع الثاني، والذكاء الاصطناعي قادر على تحديد أي المرضى من النوع الثاني يستجيبون بشكل أفضل لعلاج محدد مقارنة بعلاج آخر، وهذا ما نسميه الطب الدقيق.. علاج أكثر تحديدا وملاءمة لكل مريض بحسب حالته البيولوجية».

وأكدت أن الرؤية الأساسية هي «فهم المرض بدقة أكبر للوصول إلى علاج أكثر دقة»، مشددة على أهمية «فهم الفروقات بين المرضى أولا»، مشيرة إلى أن بعض المرض مثلا يصابون بآثار جانبية من دواء معين بينما لا يعاني آخرون، وقد ينجح العلاج مع بعضهم بينما لا ينجح مع غيرهم، وعبر تجميع الملايين من البيانات عبر الذكاء الاصطناعي ممكن أن نجد الإجابة عن هذه الأسئلة هي الأساس الذي يسمح بوضع «علاج موجه لكل مريض».

وأوضحت خميس أن الطب الدقيق موجود منذ سنوات، وهو «حقيقة قائمة في بعض الأمراض»، وضربت مثالا بوجود «فئة نادرة من مرضى السكري تحمل طفرة جينية معينة، ما يسمح لهم بإيقاف الإنسولين تماما والانتقال إلى العلاج عبر الأقراص»، مشيرة إلى أن الأمر أكثر تعقيدا في الأمراض الشائعة مثل السكري من النوع الثاني، لأنه مرض معقد ويتطلب بيانات ضخمة وجهودا مستمرة لفهمه، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في تفكيك هذا التعقيد، ثم توجيه العلاج بالشكل الأمثل.

وحول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يحل محل الأطباء، أكدت د.آمنة خميس أن الذكاء الاصطناعي موجود لمساعدة الأطباء والباحثين وليس لاستبدالهم، فهناك اعتقاد خاطئ بأنه سيحل محل الأطباء، وهذا غير صحيح إطلاقا فهو أداة مكملة.

ولفتت إلى أن أدوات مثل ChatGPT تعتمد على التنبؤ باللغة ولا تشخص الأمراض، رغم أنها تستند إلى خبرات ومعارف مصادر طبية متعددة، أما في المجال الطبي البحثي، فالأمر مختلف، إذ يتم استخدام الذكاء الاصطناعي على البيانات البشرية: بيانات سريرية، ووراثية، وبيانات المرضى، ويتم إدخال هذه البيانات ليحللها الذكاء الاصطناعي، تماما كما تستخدم النماذج اللغوية البيانات النصية، ولكن على مستوى طبي متخصص.

استخدام الروبوت

وكان لرئيس قسم الجراحة في مستشفى جابر ومدير برنامج في المجلس الكويتي للجراحة، واستشاري جراحة في مستشفى رويال حياة د.سليمان المزيدي الذي قاد عملية جراحة عن بعد من الكويت لمريض في البرازيل، مداخلة تحدث فيها عن هذا الإنجاز الذي سجل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية ويمثل تقدما كبيرا في مجال الطب المتصل.

وخلال الجلسة، قدم عرضا حول الابتكارات الجراحية وصعود التقنيات المتصلة، متحدثا عن مراحل العمل والصعوبات التي واجهت الفريق كإيجاد روبوت متطابق يعمل في البلدين، وتحقيق نسبة معينة من الفارق الزمني منخفض جدا وغيرها من الأمور التقنية التي وفرتها شركة «زين» وصولا إلى إنجاز العملية بشكل ناجح جدا، مؤكدا ان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة مهمة في مجال إدخال الروبوت في إجراء الجراحات التي تتطور أساليبها عبر الزمن.

وقال إن إدخال الروبوت لإجراء العمليات الجراحية ممكن أن يخفف عناء السفر عن المرضى ويقلل من الخطورة على حياتهم أثناء السفر، وبالتالي يمكن إجراء العملية من أي مكان في العالم لأي مريض في العالم إذا ما توافرت المتطلبات اللازمة الخاصة بذلك.

التصوير الإشعاعي والذكاء الصناعي

بدوره، قدم المتخصص في التصوير القلبي والمسؤول عن قسم التصوير في معهد مونتسوري في باريس، والرئيس التنفيذي لشركة spimed AI في العاصمة الفرنسية د.جان-فرانسوا بول، شرحا عن الدور المتصاعد للذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي، وخصوصا في مجال التصوير الطبي.

وقال إن الذكاء الاصطناعي أصبح بالغ الأهمية، وتتزايد أهميته يوما بعد يوم، خصوصا في مجال التصوير الطبي، فمعظم الأدوات الجديدة في الطب أصبحت موجهة نحو التصوير، لأن عددا متزايدا من التشخيصات يعتمد اليوم على تقنيات التصوير».

وأوضح أن حجم البيانات الطبية يتصاعد بشكل هائل، مما يجعل تفسيرها أكثر صعوبة من أي وقت مضى، مضيفا: «هناك نقص عالمي في عدد أخصائيي الأشعة، والذكاء الاصطناعي يلعب دورا محوريا في استخراج المعلومات الدقيقة من الصور، وهي معلومات يصعب أحيانا الحصول عليها بشكل روتيني في الممارسة اليومية للطبيب».

وعن أثر الذكاء الاصطناعي على القطاع الصحي، قال د.بول إن أهميته تكمن في أنه يسهل التشخيص، ويتيح الوصول إلى أفضل الخيارات العلاجية استنادا إلى نتائج التصوير، كما أن التطورات الحالية في الذكاء الاصطناعي تسهم في تحسين التنبؤات الطبية المتعلقة بالمرضى، ما يساعد على تقديم طب شخصي أكثر دقة».

وأضاف انه بفضل التصوير والذكاء الاصطناعي، أصبح بإمكان الأطباء تحديد المخاطر الصحية قبل أن تتطور، مما يفتح الباب أمام طب وقائي أكثر فاعلية، ويؤدي في النهاية إلى رعاية صحية أفضل.

السكري في الكويت

من جهته، أكد رئيس قسم الأبحاث في معهد دسمان للسكري د.فواز الزيد أن الذكاء الاصطناعي بات يشكل محورا أساسيا في مستقبل الرعاية الصحية، خصوصا في مجال أبحاث السكري، لما يتيحه من قدرة غير مسبوقة على تحليل البيانات الضخمة واستخلاص نتائج دقيقة وعميقة تسهم في تطوير رعاية المرضى.

وشدد على أهمية تسليط الضوء على استخدامات الذكاء الاصطناعي في الصحة والأبحاث الطبية، لافتا إلى أن الكويت تواجه نسبا مرتفعة من مرض السكري، ما يجعل تطوير أدوات الرعاية والأبحاث أمرا ملحا، مشيرا إلى أن معهد دسمان «متقدم جدا في مجالات البحث ورعاية المرضى، ويمتلك أحدث التقنيات المعتمدة عالميا».

وقال إنه كلما تطورت هذه التقنيات زاد حجم البيانات المستخرجة منها، وهي بيانات كثيفة وضخمة تحتاج إلى أدوات تحليل دقيقة، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي الذي يساعدنا في التعامل مع هذه الكميات الهائلة من المعلومات واستخلاص نتائج لم يكن من الممكن الوصول إليها سابقا. وعرض التقنيات الجديدة في رعاية مرضى السكري، وكيفية استخدام البيانات الناتجة من هذه التقنيات في تعزيز الأبحاث وتحسين رعاية المرضى، لافتا إلى أن أجهزة قياس السكر المستمرة تعد من أبرز هذه الأدوات، وقد أصبحت منتشرة بشكل واسع في الكويت وفي العالم وهي توفر بيانات متواصلة ودقيقة، نستفيد منها علميا لتطوير دراساتنا وتحسين طرق العناية بالمريض، بما يتماشى مع أفضل المعايير العالمية.

وأكد حرص المعهد على استقدام أحدث التقنيات فور توافرها عالميا والعمل عليها مباشرة داخل الكويت، ومع التقدم المستمر في الأبحاث سنرى نتائج عملية أكثر خلال الفترة المقبلة، موجها الشكر للمدير العام بالإنابة د.فيصل الرفاعي، والرئيس التنفيذي للأبحاث فهد الملا، وعلى الدعم المستمر الذي نتلقاه من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

800 مليون شخص يعانون من مرض السكري و1.6 مليار من أمراض الكبد

ركزت د.آمنة خميس الحاصلة على جائزة EFSD/مؤسسة نوفو نورديسك - قادة المستقبل 2024، والباحثة فخرية في «إمبريال كوليدج لندن» على أمراض الكبد في مداخلتها، لافتة إلى أن 800 مليون شخص في العالم يعانون من مرض السكري، بينما 1.6 مليار شخص يعانون من مشاكل في الكبد، مشيرة إلى أن مرض السكري ليس مرضا معزولا، بل يسبب «أضرارا أيضية تؤثر في أنسجة وأعضاء أخرى، وإحدى مضاعفاته مرض MASLD (مرض الكبد الدهني المرتبط بالتمثيل الغذائي).

وكشفت أن هذا المرض مرتفع جدا في الكويت، حيث تصل نسبته إلى نحو 45% من السكان، وأنه يبدأ من حالات بسيطة وصولا إلى حالات شديدة، ولكنها مشاكل وأمراض يمكن حلها بالنظام الغذائي والرياضة في مراحله الأولى. وأشارت إلى أن ارتباط المرض بالسمنة والسكري يجعل فهمه ضرورة ملحة، وأن الأبحاث القائمة تعتمد أيضا على الذكاء الاصطناعي لتفكيك تعقيداته وتحديد درجات الخطورة بدقة أكبر.



إقرأ المزيد