ترامب وخامنئي ونتنياهو... على حافة «الزناد»
جريدة الراي -

تبدو المفاوضات الأميركية - الإيرانية التي تعثرت رابع جولاتها، مُحمَّلة بأسئلة أكثر مما توفر أجوبة، على الرغم من أن الجولة الثالثة كانت سياسة - تقنية استمرت أكثر من 9 ساعات، والجولة الأولى شهدت محادثات مباشرة «وقوفاً» بين رئيسي الوفدين عباس عراقجي وستيف ويتكوف.

الأسئلة الأساسية في أذهان الكثيرين: ما هي فرص النجاح، وكم من الممكن أن تستمر المفاوضات، وهل تستطيع إسرائيل «تفجيرها» أو عرقلتها؟

منذ يومين

16 أبريل 2025

من الواضح أن «أرضية مشتركة» ارتسمت منذ ما قبل الجولة الأولى التي عقدت في 12 أبريل الماضي بمسقط، تحديداً في لقاءات غير علنية وغير رسمية بين الأميركيين والإيرانيين، تقوم على قاعدة: رابح - رابح، مع تنازلات إيرانية «ضخمة».

قوام المعادلة:

- الرئيس الأميركي دونالد ترامب يفوز باستثمارات تريليونية بإيران وبالتباهي بحل أحد أكثر الملفات تعقيداً في العالم، مع ما يعني ذلك من تغيّر شامل وانقلاب تام على المفاهيم والمرتكزات التي سادت في الجمهورية الإسلامية منذ انتصار الثورة في 1979، تجاه «الشيطان الأكبر».

- المرشد الأعلى علي خامنئي يفوز بحماية نظامه، من خلال الحصول على «درع» أميركي بمواجهة «تفلّت» إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو، ومزايا اقتصادية ضخمة تسمح بإعادة إيران إلى النظام المالي العالمي بما يُهدّئ الغضب الشعبي المتزايد من جرّاء التدهور الاقتصادي.

في خضم المفاوضات، من الواضح أن ويتكوف يُخفي تحت «الملف السميك» المُتضمن تفاصيل سير المحادثات، ورقة «جوكر» كفيلة بدفع إيران إلى تقديم تنازلات ربما لم تكن مُتخيّلة حتى الأمس القريب.

تُعرف هذه الورقة بـ«سناب باك» أو «آلية الزناد»، التي تعني لغوياً العودة السريعة أو الرجوع المفاجئ إلى حالة سابقة، كأن شيئاً ما ينغلق أو يرتدّ فجأة. وتُنفّذ عملياً من خلال طلب أحد الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي المبرم في 2015، تفعيلها، بما يسمح بعودة جميع العقوبات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن قبل الاتفاق، بشكل تلقائي، من دون قدرة روسيا والصين على استخدام «الفيتو».

يبلغ عدد هذه القرارات ستة (1835 - 1803 - 1929 - 1747 - 1737 - 1669) وتم تعليقها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي أعطى الصبغة التنفيذية للاتفاق النووي، وتعني عودتها (وفق البند 11 و12 من القرار) أن الاقتصاد الإيراني سيلفظ سريعاً ما تبقى له من أنفاس.

وعلى الرغم من أن ترامب لطالما هاجم الرئيس الأسبق باراك أوباما لإبرامه الاتفاق مع إيران، فإن ورقة «الجوكر» التي يستخدمها الآن في التفاوض، هي من صنع إدارة أوباما، التي لطالما تفاخرت بنجاحها في فرض تلك الآلية، وما رافقها من توتر كاد ينسف المفاوضات في ذلك الوقت.

هذه الورقة ليست حكراً على ترامب، وإنما يمكن «نظرياً» لأي دولة أخرى موقعة على الاتفاق أن تستخدمها، وهو ما يُفسّر سعي إيران لاسترضاء «الترويكا» الأوروبية الموقعة على الاتفاق (فرنسا - بريطانيا - ألمانيا).

لكن استخدام آلية «سناب باك» مُحدّد زمنياً بتاريخ 18 أكتوبر 2025، بموجب قرار مجلس الأمن، وهو التاريخ الذي تنتهي فيه صلاحية القرار 2231، لأن الاتفاق النووي مدته 10 سنوات في هذه الجزئية.

يعني ذلك أن إيران ستكون مستعدة لتقديم تنازلات كبرى قبل هذا التاريخ، لمنع انهيار المفاوضات، الذي يمكن أن يؤدي أيضاً إلى خيار عسكري، فضلاً عن عودة العقوبات الدولية بآثارها المُدمّرة.

يُدرك خامنئي أهمية هذا التاريخ ويَبرع الإيرانيون في لعبة سياسة «حافة الهاوية» ودبلوماسية «الفستق الإيراني»، لكن الوقت ضاغط أيضاً على ترامب، الذي يريد تحقيق إنجاز في عامه الأول بالبيت الأبيض، ولا يرغب في رؤية المفاوضات مع إيران تنهار، كما يبدو أنه الحال في المفاوضات الجارية لإنهاء حرب أوكرانيا.

تبعاً لذلك، تبدو الأشهر الخمسة المقبلة حاسمة باتجاه اتضاح مسار التفاوض، وليس بالضرورة أن يكون الاتفاق شاملاً في مرحلته الأولى بالنظر إلى التفاصيل التقنية الكثيرة المرتبطة بالبرنامج النووي، إذ ربما يُصار إلى إبرام اتفاق مرحلي يُمهّد للاتفاق الشامل.

وتبقى «العقبة الكأداء» متمثلة بتلبية مطالب إسرائيل التي تريد اتفاقاً على غرار اتفاق إنهاء البرنامج النووي الليبي في 2003، عبر إنهاء التخصيب على أراضي إيران، وتفكيك البنية التحتية للبرنامج النووي، وفرض آلية رقابة دولية فعّالة، ومنع تطوير الصواريخ البالستية القادرة على حمل رؤوس نووية، في حين أن رؤية ترامب - ويتكوف لا تبدو مطابقة لرؤية نتنياهو، مع ميلٍ لديهما إلى السماح لإيران بإبقاء أجزاء أساسية من برنامجها النووي تحت سيطرتها.



إقرأ المزيد